عمارة المسجد النبوي

تأسيس المسجد النبوي

كان المسلمون الأوائل من الأنصار قبل الهجرة النبوية يجتمعون ويصلّون في موضع في وسط المدينة المنورة (واسمها يومئذٍ «يثرب»)، حيث كان مصعب بن عمير (المبعوث من النبي محمد  في مكة) يصلّي بهم ويعلمهم القرآن أيضاً، ومن قبله كان أسعد بن زرارة يصلي بهم، وكانت الأرض التي يصلّون عليها مربادًا (موقف الإبل ومحبسها) لغلامين يتيمين هما سهل وسهيل ابنا عمرو وكأنا في حِجرِ أسعد بن زرارة.

وفي الهجرة النبوية، عندما قدم النبي محمد  المدينة المنورة، بركت ناقته في ذلك الموضع الذي كان الأنصار يصلّون فيه، وقال: «هذا المنزل إن شاء الله»، فدعا الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فقالا: «بل نهبه لك يا رسول الله»، فأبى أن يقبله هبة حتى ابتاعه منهما، ودفع ثمنها أبو بكر. فأسّس النبي  المسجد في شهر ربيع الأول سنة 1 هـ الموافق 622، وكان طوله يومئذٍ ما يقارب 35 متراً، وعرضه 30 متر، فتكون مساحته 1050 متراً مربعاً، وكان سقفه بارتفاع 2.5 متراً تقريباً. وكانت أعمدة المسجد من جذوع النخل وسقفه من الجريد (أغصان النخيل)، وأساسه من الحجارة، وجداره من اللبن (الطوب النيء الذي لم يُحرق بالنار)، وجعل وسطه رحبة (ساحة). وكان النبي  يبني معهم بنفسه، ويحمل الحجارة واللبن. وجعل للمسجد 3 أبواب وهي :

1/ باب الرحمة ويُقال له باب عاتكة (في جهة الغرب)

2/ باب عثمان ويُسمى الآن باب جبريل الذي كان يدخل منه النبي صلى الله علية وسلم (في جهة الشرق)

3/ باب في الخلف (في جهة الجنوب)، وجعل قبلة المسجد لبيت المقدس،ولما تحوّلت القبلة للكعبة في السنة 2 هـ، سُدّ الباب الذي كان في الخلف وفُتح باب في مواجهته في الجهة الشمالية. 

مراحل توسعة الحرم النبوي

القسم الاول / القسم المغطى : للمصلين في الصفوف الأولى

القسم الثاني / ساحة مفتوحة : تقع في الوسط

القسم الثالث / في الخلف : مكان اهل الصفة “وهم الفقراء المهاجرين ” .

بدايات المسجد النبوي

التوسعة الاولى للمسجد النبوي “التوسعة النبوية ” : كانت في عهد الرسول في العام 7 هـ المساحة : 2500 م2 , يسع 4166 مصلي ولم يتم التغيير في شكل المسجد .

فبعد غزوة خيبر في شهر محرم سنة 7 هـ الموافق 628، وبسبب إزدياد أعداد المسلمين في المدينة نتيجة الهجرة إليها ضاق المسجد النبوي بالمصلين، عندها قرر النبي محمد  زيادة مساحته، فزاد 20 متراً في العرض و 15 متراً في الطول، فصارت مساحته 2500 متراً مربعاً، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه هو من اشترى هذه الأرض. وبقي المسجد على حده من الجهة الجنوبية، ومن الجهة الشمالية كان حده الى ما ينتهي إليه البناء المجيد المسقوف اليوم، ومن الجهة الغربية كان حدّه الأسطوانة الخامسة من المنبر مكتوب عليها “حدّ مسجد النبي ﷺ”، وكان ارتفاع سقفه تقريباً 3.5 متراً.

التوسعة الثانية “التوسعة العمرية ” : كانت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 17 هـ المساحة اصبحت 3600 م2 ,والسعة 6000 مصلي , ويعتبر عمر بن الخطاب او من فرش ساحة المسجد بالحصى ، وهذه المنطقة الى اليوم تسمى بـ ” الحصوى ” ولم يتم التغيير في شكل المسجد

وبسبب كثرة عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية واتساع رقعة الدولة الإسلامية، قام الخليفة عمر بن الخطاب بتوسعة المسجد النبوي، وكانت أول توسعة للمسجد النبوي منذ بنائه وتوسعته في عهد النبي ، حيث أن أبا بكر الصديق لم يضف على مساحة المسجد شيئاً، فقد انشغل بالأحداث بعد وفاة الرسول، غير أنه جدد الأعمدة النخلية التي نخرت. فلمّا تولّى عمر أمر الخلافة قال: «إني أريد أن أزيد في المسجد، ولولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: “ينبغي أن يُزاد المسجد” ما زدتُ فيه شيئاً».

بدأ عمر بشراء البيوت حول المسجد لتوسعته، إلا حجرات أمهات المؤمنين، وبيت كان للعباس بن عبد المطلب في جهة القبلة من المسجد، فَتَبَرُّع العباس به، وبدأ عمر بتوسعته فبنى أساس المسجد بالحجارة إلى أن بلغ حوالي متران، فزاد من جهة القبلة إلى الرواق المتوسط بين المصلى النبوي والمصلى العثماني، وذلك نحو 5 أمتار، وزاد من جهة الشمال 15 متراً، ومن الجهة الغربية 10 أمتار، ولم يزد من الجهة الشرقية شيئاً. فصار طول المسجد من الشمال إلى الجنوب 70 متراً، وعرضه 60 متراً، وارتفاع سقفه 5.5 متراً تقريباً. وجعل له ستة أبواب:

الثلاثة القديمة – وفتح «باب السلام» في أول الحائط الغربي – و«باب النساء» في الحائط الشرقي – وباب في الحائط الشمالي.

وأمر بالحصباء (حجارة صغيرة) فجيء به من العقيق وبسطها بالمسجد. واقتضت توسعة عمر إدخال بيت أبي بكر في المسجد والذي كان ملاصقاً للمسجد في الجهة الغربية.

وكان عمر قد بنى رحبة خارج المسجد سُميت بـ «البطيحاء»، وقال: «من أراد أن يغلط أو يرفع صوتاً أو ينشد شعراً فليخرج إليه»،  وكان قد بناه في الجهة الشرقية مما يلي المؤخرة، وقد دخلت في المسجد أثناء التوسعة بعد عمر.

التوسعة الثالثة “التوسعة العثمانية ” : توسعة عثمان بن عفان رضي الله عنه عام 29 هـ اصبحت المساحة 4096 م2 والسعة 6862 مصلي وادخل تعديل بسيط على المسجد اذ استبدل السقف الذي كان مصنوع من سعف وجذوع النخل بالخشب .

لم تعد الزيادة التي بناها عمر بن الخطاب رضي الله عنه تسع المصلين والزوار، فقام الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه بتوسعة المسجد النبوي في شهر ربيع الأول سنة 29 هـ الموافق 649، وانتهى منه في أول شهر محرم سنة 30 هـ، فكان عمله 10 أشهر. وأما مقدار الزيادة، فقد كانت في الجهة الجنوبية 5 أمتار وهو منتهى الزيادات من هذه الجهة حتى الآن، وفي الجهة الغربية زاد 5 أمتار أخرى وهو الأسطوانة الثامنة من المنبر، وزاد من الجهة الشمالية 5 أمتار أيضاً. وبناه من الحجارة المنقوشة والجص، وجعل أعمدته من الحجارة المنقوشة، وغُطّي سقفه بخشب الساج، وبنى مقصورة من لبن يصلي فيها للناس خوفاً من الذي أصاب عمر” والذي طعنه أبو لؤلؤة فيروز الفارسي بخنجر ذات نصلين ست طعنات، وهو يُصلي الفجر بالناس” وجعل للمسجد 6 أبواب على ما كان على عهد عمربن الخطاب رضي الله عنه ، وقد كان عثمان يباشر عمل البناء ويشرف عليه بنفسه.

التوسعة الرابعة “التوسعة الأموية “: في عهد الدولة الأموية عام 88 هـ اصبحت المساحة 6465 م2 والسعة 10775 مصلي حدث فيها اول تغيير جذري في توسعة المسجد النبوي ومواد البناء صارت من الحجارة والفسيفساء وظهرت اربع مآذن وتم ادخال الحجرة النبوية لأول مرة من ضمن التوسعة .

استمرّ المسجد على ما هو عليه كما بناه الخليفة عثمان بن عفان، ولم يزد فيه علي بن أبي طالب ولا معاوية بن أبي سفيان، ولا ابنه يزيد ولا مروان بن الحكم، ولا ابنه عبد الملك شيئاً، حتى كان الوليد بن عبد الملك، وكان عمر بن عبد العزيز عامله على المدينة ومكة، فبعث الوليد إلى عمر بن عبد العزيز يأمره ببناء المسجد وتوسعته من جهاته الأربع، فاشترى حجرات أمهات المؤمنين وغيرها من الدور المجاورة المحيطة بالمسجد (كبيت حفصة بنت عمر في الجهة الجنوبية، وثلاثة دور كانت لعبد الرحمن بن عوف)، وبدأ بالبناء في شهر ربيع الأول سنة 88 هـ الموافق 707، وانتهى منه سنة 91 هـ الموافق 710. وكان عمر بن عبد العزيز يشرف على جميع مراحل البناء. وقد قام بإدخال حجرات أمهات المؤمنين الموجودة في جهة المشرق والجهة الشمالية في المسجد والتي كان الناس قبل ذلك يدخلون تلك الحجرات يصلّون فيها يوم الجمعة لضيق المسجد، وكان مقدار الزيادة من الجهة الغربية 10 أمتار، وعليه استقر أمر الزيادة في الجهة الغربية، وزاد في الجهة الشرقية 15 متراً، وفي الجهة الشمالية 20 متراً. وكان بناؤه من الحجارة المنقوشة، وأسواره من الحجارة المنقورة، وقد حُشيت بأعمدة الحديد والرصاص. وامتازت هذه التوسعة باستحداث المآذن لأول مرّة، إذ بنى 4 مآذن بارتفاع 30 متراً تقريباً وبعرض 4 × 4 متر على زوايا المسجد الأربعة هُدمت إحداها بعهد سليمان بن عبد الملك (96-99 هـ). وكذلك تم استحداث المحراب المجوّف لأول مرة، وزخرفت حيطان المسجد من داخله بالرخام والذهب والفسيفساء، وذهب السقف ورؤوس الأساطين وأعتاب والأبواب والتوسعة في الجانب الشرقي وبناء السقفين للمسجد، وفتح 20 باباً للمسجد، 8 أبوب في الجهة الشرقية، و 8 أخرى في الجهة الغربية، و 4 أبواب في الجهة الشمالية.

التوسعة الأموية

التوسعة الخامسة “التوسعة العباسية ” : في عهد الدولة العباسية عام 160 هـ أصبحت المساحة 8915 م2 والسعة 14858 مصلي حدث اختلاف في الطراز المعماري ليواكب الطراز المعماري للعصرالعباسي وتم اضافة مئذنتين والمسبلة “وهي مكان للوضوء والشرب ” في وسط الساحة “ساحة الحصوى”

لم يزل المسجد على حال ما زاد فيه الوليد بن عبد الملك حتى ولي أبو جعفر المنصور أمر الخلافة في الدولة العباسية، فهمّ أن يزيد بالمسجد، فتُوفي ولم يزد فيه شيئاً. ثم ولي أمر الخلافة أبو عبد الله محمد المهدي، فقام بزيارة المدينة المنورة أثناء الحجّ سنة 160 هـ، وأمر بالزيادة فيه، فزاد فيه 30 متراً من الناحية الشمالية، ولم يزد في القبلة ولا في المشرق والمغرب شيئاً. واستمر العمل في البناء 4 سنوات من عام 161 هـ  الموافق  777، وانتهى منه عام 165 هـ الموافق 782. واستمرت عناية الخلفاء العباسيين بالمسجد النبوي، وقاموا بالعناية به وتجديده، ولم تظهر الحاجة لتوسعته أو إعادة بناءه إلى أن احترق المسجد الحريق الأول سنة 654 هـ.

وفي ليلة الجمعة أول شهر رمضان سنة 654 هـ احترق المسجد النبوي الحريق الأول بعد ذلك أمر الخليفة العباسي المستعصم بالله بإعادة إعمار المسجد سنة 655 هـ الموافق 1257، ولما شرعوا في العمارة قصدوا إزالة ما وقع من السقوف على القبور في الحجرة، فلم يتجرؤوا على ذلك، وانتظروا جواب الخليفة المستعصم، فلم يصل إليهم جواب لاشتغال الخليفة وأهل دولته بسبب غزو التتار لهم، واستيلائهم على بغداد في تلك السنة، فتركوا الردم على ما كان عليه، ولم ينزل أحد هناك، ولم يتعرضوا له ولا حركوه، إلا أنهم بنوا سقفاً فوقه على رؤوس السواري التي حول الحجرة.

التوسعة العباسية

التوسعة السادسة “التوسعة المملوكية”: في عهد الدولة المملوكية عام 881 هـ اصبحت المساحة 9035 م2 والسعة 15058 مصلي حدث فيها تغيير في الطراز المعماري لتلائم طراز العصر “الطراز المملوكي ” وظهرت فيها القباب ويعتبروا اول من وضع القباب على المسجد النبوي ووضعت قبة على حجرة النبي كانت باللون الفضي والتي اصبحت الآن باللون الأخضر وقد تم المحافظ على هذه القباب الى يومنا هذا مع الاحتفاظ بالمأذنة التابعة لعصر المماليك والتي تعتبر مختلفة عن باقي المآذن في الوقت الحالي و تسمى اليوم بالــ” مئذنة الرئيسية “.

بعد نهاية الخلافة العباسية بمقتل الخليفة المستعصم بالله على يد التتار سنة 656 هـ، انتقل أمر العناية بالمدينة المنورة إلى الدولة المملوكية في مصر، فتولى ملك مصر المنصور نور الدين علي بن أيبك وبمساعدة ملك اليمن المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول إكمال عملية الإعمار. ثم في سنة 657 هـ عُزل ملك مصر المنصور نور الدين وتولّى مكانه الملك المظفر سيف الدين قطز فكان العمل بالمسجد تلك السنة من باب السلام إلى باب الرحمة، ومن باب جبريل إلى باب النساء، وما لبث أن قُتل قبل أن تتم عمارته، وتولى حكم مصر بعده الملك الظاهر بيبرس، فقام بتجهيز الأخشاب والحديد والرصاص، وأرسل 53 صانعاً، وأرسل معهم الأمير جمال الدين محمد الصالحي، ثم صار يمدهم بما يحتاجون إليه من الآلات والنفقات، حتى تم إصلاح باقي المسجد.

ثم لم يزل المسجد على ذلك حتى سنة عام 678 هـ في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحي، إذ عُمِلَت فوق الحجرة النبوية قبة خشبية (عُرفت لاحقاً بالقبة الخضراء)، مربّعة من أسفلها، مثمنة في أعلاها بأخشاب أقيمت على رؤوس السواري. ثم في عامي 705 هـ و706 هـ جدّد السلطان محمد بن قلاوون السقف الشرقي والسقف الغربي (أي الذي عن يمين صحن المسجد ويساره). ثم في سنة 729 هـ أمر السلطان محمد بن قلاوون، بزيادة رواقين في المسقف القبلي متصلين بمؤخره. ثم حصل فيهما خلل فجددهما الملك الأشرف سيف الدين برسباي في ذي القعدة سنة 831 هـ. وجدد كذلاك شيئاً من السقف الشمالي. ثم حصل خلل في سقف الروضة وغيرها من سقف المسجد في عهد الظاهر سيف الدين جقمق فجدد ذلك في سنة 853 هـ على يد الأمير بردبك الناصر المعمار وغيره.

وفي عام 881 هـ، أمر السلطان قايتباي (من أبرز السلاطين المملوكيين الذين اهتموا بعمارة المسجد)، بعمارة شاملة للمسجد على يد الخواجكي الشمسي شمس الدين بن الزمن. وفي ليلة 13 رمضان عام 886 هـ  الموافق 1481 احترق المسجد النبوي الحريق الثاني، فقام بعدها السلطان قايتباي بعمارة شاملة للمسجد، إذ أرسل المئات من البنّائين والنجّارين والحَجّارين والنحّاتين والحدّادين، وأرسل الأموال الكثيرة والآلات والحمير والجمال، وذلك لتتم عمارة المسجد على أحسن ما يكون، فزادوا في الجانب الشرقي قدر 1.2 متراً، وعملوا سقفاً واحداً للمسجد بارتفاع 11 متراً، وقام ببناء القبة الزرقاء أو الفضية وبناها بدلاً من القبة الخشبية التي كانت موجودة قبل الحريق فوق الحجرة النبوية، وأعادوا ترخيم الحجرة النبوية وما حولها وترخيم الجدار القبلي، وعملوا المنبر ودكة المؤذنين من رخام، وعملوا قبّة على المحراب العثماني، كما أقاموا قبتين أمام باب السلام من الداخل، وقد كسيت هذه القباب بالرخام الأبيض والأسود. وانتهت هذه العمارة في أواخر رمضان سنة 888 هـ الموافق 1483.

التوسعة المملوكية

التوسعة السابعة “التوسعة العثمانية ” : في عهد الدولة العثمانية سنة 1265 هـ اصبحت المساحة 10,000 م2 والسعة 17,000 مصلي وتم فيها تغيير لون قبة الحجرة النبوية من اللون الفضي الى اللون الاخضر الذي نعرفه الى اليوم.

تولّى الحكّام العثمانيون أمر المسجد النبوي بعد نهاية الدولة المملوكية سنة 923 هـ الموافق 1517، فأولوها عناية فائقة واهتماماً كبيراً، فحافظوا في البداية على العمارة المملوكية للمسجد النبوي وتعهدوها بالإصلاح والترميم كلما دعت الحاجة إلى ذلك. وكان أول من قام بإصلاحات في المسجد النبوي السلطان سليمان القانوني، ففي عام 946 هـ استُبدلت الأهلّة المملوكية التي تعلو القبة الخضراء ومآذن المسجد أهلة من النحاس المطلي بالذهب، فوضع أحدها على القبة وهلال على المنبر وخمسة أهلة لكل منارة هلال. وفي سنة 947 هـ  الموافق 1540 قام بالإصلاحات الكبرى في عهده، حيث تناولت هذه العمارة باب الرحمة، وباب النساء، وهدمت المئذنة الشمالية الشرقية (السنجارية) وأقيمت مكانها المئذنة السليمانية وكان عمق أساسها 8.53 متراً، وعرض الأساس 4.59 متراً. وكان السلطان قد أرسل كل ما تحتاجه العمارة من مواد البناء محمولة على الجمال والدواب، وكذلك أرسل الأيدي العاملة من حجارين وبنائين ونحاتين، وزودهم بما يحتاجونه من نفقات مادية وعينية. وفي 17 محرم عام 948 هـ الموافق 13 مايو 1541 أعادوا إعمار «المحراب الحنفي». وفي عام 974 هـ الموافق 1566 جرت عدة إصلاحات وترميمات في المسجد النبوي كان أهمها إعادة بناء الجدار الغربي من باب الرحمة بأكمله لسقوط معظمه، وترخيم الروضة الشريفة، وعملت وزره على الحجرة النبوية وأصلح رصاص القبة على القبر النبوي. كما تم استبدال السقوف في الجانب الغربي من المسجد النبوي بعدد من القباب الصغيرة، كما أعيد في سنة 974 هـ تجديد بناء قبة الصحن المبنية سنة 576 هـ.

وفي عهد السلطان عبد المجيد الأول قام بالبدء بأكبر عمارة وتوسعة للمسجد في العهد العثماني، وذلك في عام 1265 هـ الموافق 1849 وانتهت في سنة 1277 هـ الموافق 1860، واستمرت العمارة نحو 13 سنة. وكانت هذه العمارة من أضخم وأتقن وأجمل العمارات والتوسعات التي تمّت للمسجد النبوي من قبل، وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الحديثة الجزء القبلي (الجنوبي)، ويبدو هذا الجزء حتى الآن قوياً متماسكاً، وقد غُطي سقف المسجد كاملاً بالقباب المكسوة بألواح الرصاص، بلغ عددها 170 قبة، أعلاها القبة الخضراء، ثم قبة المحراب العثماني، ثم قبة باب السلام، وباقي القباب على ارتفاع متقارب، ولبعضها نوافذ مغطاة بالزجاج الملون، وزُيّنت بطون القباب بصور طبيعية ونقوش، وكتابات قرآنية وشعرية. كما كُتبت في جدار المسجد القبلي (الجنوبي) سور من القرآن وأسماء النبي محمد وغير ذلك بخط الثلث العربي، وَذَهَبْت الحروف بالذهب، وبُنيت أبوابه بشكل فنّي، وأبواب القسم الجنوبي الباقية حتى الآن هي: باب جبريل، وباب الرحمة، وباب السلام، أما الأبواب الشمالية فقد هُدمت. وقد بلغ مقدار تكلفة هذه العمارة 140 كيساً من الذهب، وكل كيس كناية عن 5 ذهبيات مجيدية. وقد زاد السلطان عبد المجيد في المسجد الكتاتيب لتعليم القرآن، والمستودعات في الجهة الشمالية، كما زاد في الشرق نحو 2.6 متراً من المأذنة الرئيسية (الجنوبية الشرقية) إلى ما يلي باب جبريل.

التوسعة العثمانية

التوسعة الثامنة “التوسعة السعودية الاولى” : توسعة الملك عبد العزيز آل سعود عام 1372 هـ أصبحت المساحة 16326 م2 والسعة 28000 مصلي مرت بعدة مراحل وتم فيها زيادة المساحة واضافة الكثير من التقنيات الحديثة في المسجد.

في 13 ربيع الأول من عام 1372 هـ الموافق 1952 بدأ العمل بتوسعة المسجد بأمر من الملك عبد العزيز آل سعود، وبعد أن قاموا بشراء الأراضي وهدمها لتهيئتها للبناء الجديد وقد أقيم مصنعاً للحجر قرب المدينة لغايات الإعمار، وأما بقية المواد فكانت البواخر تحملها إلى ميناء ينبع ومن ثم إلى المدينة بواسطة سيارات كبيرة. وقد بلغت حمولة المواد المفرغة في الميناء لغايات الإعمار أكثر من 30,000 طن. وقد تم الانتهاء من التوسعة في أوائل سنة 1375 هـ الموافق 1955، وبلغت تكلفة هذا المشروع 50 مليون ريالاً سعودياً، وقام الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود بافتتاحه في 5 ربيع الأول سنة 1375 هـ، الموافق أكتوبر 1955.

وهذه التوسعة عبارة عن مبنى مستطيل طوله 128 متراً بعرض 91 متراً، وقد فُتح في الجهة الشرقية باب الملك عبد العزيز، وفي الجهة الغربية باب الملك سعود، وكل منها يتكون من 3 أبواب متجاورة، أما في الجهة الشمالية، فقد فُتح 3 أبواب، باب عمر، وباب عثمان، وباب عبد المجيد. وبلغ عدد الأعمدة 232 عموداً على رأسها عقودا مدببة. أما السقف فقد قُسّم إلى مربعات بارتفاع 12.55 متراً، ويغلب على هذه العمارة اللون الأبيض المطعم بقليل من الأحمر والأسود. أما المآذن، قد كانت للمسجد 5 مآذن هُدمت منها 3 مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة والمئذنة السليمانية والمجيدية في الجهة الشمالية، وبُنيت مئذنتان في الركن الشرقي والغربي من الجهة الشمالية، وارتفاع كل منها 72 متراً، فأصبح للمسجد 4 مآذن في أركانه الأربعة.

وبسبب تكاثر أعداد الحجاج، أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بتهيئة أماكن للصلاة غربي المسجد، فهُدمت المباني الموجودة في تلك الجهة وتم إقامة مصلى مظلل، بلغت مساحته حوالي 35,000 متراً مربعاً، بواقع 80 مظلة. وكان العمل به سنة 1973، وبقيت إلى أن أزيلت في التوسعة السعودية الثانية.

التوسعة التاسعة “التوسعة السعودية الثانية” : وهي التوسعة الأخيرة للملك فهد بن عبد العزيز آل سعود سنة 1406 هـ اصبحت المساحة 333,500 م2 والسعة 499,880 مصلي ما يقارب النصف مليون تم الحفاظ على الطراز المعماري المملوكي في تصميم القباب الحديثة واضيف لها الجانب التقني لتحريكها للحصول على التهوية الانارة للساحات الاضافية في التوسعة .

في شهر محرم من عام 1406 هـ الموافق 1985، بدأ العمل بأكبر توسعة للمسجد النبوي بأمر من الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وقد تم الانتهاء منها عام 1414 هـ الموافق 1994. وشملت التوسعة الجهات الشرقية والغربية والشمالية للمسجد، وذلك بإضافة مساحة 82,000 متراً مربعاً تستوعب حوالي 150,000 مصلّ، وبذلك أصبح المساحة الكلية للمسجد 98,326 متراً مربعاً تستوعب 178,000 مصلّ، ويُضاف مساحة السّطح 67,000 متراً مربعاً، منها 58,250 متراً مربعاً مهيأة للصلاة فيها وتستوعب 90,000 مصلّ، فأصبح مجموع المساحة لمهيأة للصلاة 156,576 مِتْرًا مربعاً تستوعب 268,000 مصلّ. ويُضاف مساحة الساحات المحيطة بالمسجد بمساحة 135,000 متراً مربعاً، منها 135,000 متراً مربعاً مهيأة للصلاة تستوعب 430,000 مصلّ، هكذا يرتفع مجموع المصلين إلى أكثر من 698,000 مصلّي.

وقد صُممت الأعمدة والأروقة على نسق التوسعة السعودية الأولى، وغُطّيت الجدران الخارجية بالجرانيت. وتمّ إضافة 6 مآذن جديدة تتناسق مع المئذنتين في التوسعة السعودية الأولى. وقد زُوّد مبنى التوسعة بعدة أنظمة متطورة، منها أنظمة كاميرات، وأنظمة طاقة كهربائية دائمة واحتياطية، وأنظمة إطفاء حريق، وأنظمة للصرف الصحي.

التوسعة السعودية

التوسعة العاشرة “التوسعة السعودية الثالثة” : قيد التنفيذ بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وفي شهر أغسطس 2010 تم الانتهاء من مشروع مظلات ساحات المسجد النبوي، وهو عبارة عن مظلات كهربائية على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الجهات الأربع، وتبلغ مساحتها 143 ألف متر مربع، بهدف وقاية المصلين من المطر وحرارة الشمس أثناء الصلاة. وشمل المشروع تصنيع وتركيب 182 مظلة على أعمدة ساحات المسجد النبوي، بالإضافة إلى 68 مظلة في الساحات الشرقية، ليصبح مجموع المظلات 250 مظلة. وبلغت تكلفته 4.7 مليار ريال سعودي.

وفي يونيو من عام 2012 أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بالبدء بتنفيذ أكبر توسعة للمسجد النبوي في المدينة المنورة تحت اسم «مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف»، وعلى ثلاث مراحل، تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصل، كما سيتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، بحيث تستوعب 800 ألف مصل إضافية. وتم البدء بهذا المشروع بعد موسم الحج عام 2012، ويبلغ عدد العقارات المتوقع إزالتها لصالح المشروع 100 عقار تتوزع على الجهتين الشرقية والغربية، ويبلغ إجمالي التعويض عن مساحة تقدر بنحو 12.5 هكتار بنحو 25 مليار ريال سعودي. ووفق خطط المشروع ستجرى تحسينات للساحات العامة والساحة الاجتماعية حول المسجد.

ويمكن تلخيص التوسعات و الترميمات التي مر بها المسجد عبر التاريخ في الجدول التالي :

الترميمات والإصلاحات

الحريق الأول للمسجد النبوي : في عام (654 هـ/ 1256 م) حدث أحد أخطر الحرائق في التاريخ الإسلامي، اندلع في المسجد النبوي ليلة الجمعة الموافقة 1 رمضان 654 هـ / 28 سبتمبر 1256م، بعد أن فرغ المصلون من صلاة التراويح، هو الذي دمر شكل المسجد الأول الذي أسسه النبي محمد وخلفاؤه وأدى إلى انهيار سقف المسجد بالكامل، ودُمرت إثره محتويات تعود إلى عهد النبي محمد وخلفائه الراشدين، وآثار للدولتين الأموية  والعباسية، وكانت هذه الحادثة في عهد الخليفة العباسي المستعصم بالله، وفي الفترة التي سبقت سقوط الدولة العباسية على يد التتار، ويعود سببه إلى فتيل نار نسيه أحد خُدّام المسجد في المخزن واسمه أبوبكر بن أوحد، تسبب باشتعال المكان وما هي إلا لحظات حتى اشتعل المخزن وأكلت النار كل شيء حولها ، إذ بدأ من المخزن ومحتوياته ممتدًا إلى بقية المسجد، ويُقال بأن أبوبكر بن أوحد حاول إطفاءها دون جدوى، ويُذكر أنه مات هناك، وصلت النار إلى سقف المسجد وأسقطته، ثم اتجهت نحو جنوب المسجد، فنودي إلى أمير المدينة فحضر وهبّ الناس محاولين إطفاء النار، لكنهم عجزوا عن محاصرتها، حتى أتت على المسجد كله ولم تبق فيه خشبة واحدة، وذاب الرصاص من الأساطين فسقطت “وهي الأعمدة الحاملة للقباب في الروضة النبوية الشريفة” ، وبقيت أعمدة المسجد قائمة تتمايل مع هبوب الريح، ولم ينج من هذا الحريق سوى قبة توضع فيها الذخائر كانت تتوسط المسجد، وغرفة النبي محمد وقبره وبقية القبور فيها. وتزامن هذا الحريق مع فاجعة أخرى لأهل المدينة المنورة، حيث حدثت هزة أرضية أعقبها انفجار للحمم البركانية في حرة رهط الواقعة جنوب المدينة، وظلّت تتدفق لمدة 3 أشهر، وذكر المؤرخون أن هذه الحمم تنبأ بها الرسول محمد ، وذُكرت في أحاديثه مسماة بـ (نار الحجاز) .

الحريق الثاني للمسجد النبوي : في عام (886 هـ / 1481م) حدث الحريق الثاني الذي أصاب المسجد النبوي، وكان بعد الحريق الأول بـ 200 عام، وقد حدث في 13 رمضان 886 هـ / 14 نوفمبر 1481 م، بسبب صاعقة رعدية أصابت هلال المنارة الجنوبية الشرقية من المسجد في يوم ماطر، فقد كانت سماء المدينة مليئة بالغيوم والصواعق الرعدية، وانتشر المؤذنون على المنابر ليُهللوا كعادتهم في الأيام الماطرة، وحين صعد رئيس المؤذنين إلى المنارة الرئيسية ضربت إحدى الصواعق هلال المنارة، فشقّت المنارة وتوفي إثرها رئيس المؤذنين الذي صعد تلك الليلة ليُهلل كعادة المسلمين في ذلك الوقت، وكان للصاعقة لهب أصاب السقف ما بين المنارة  و القبة وسُرعان ما أتت النار على السقف بأكمله، فتجمّع الناس وحضر أمير المدينة، وحاولوا محاصرة النار التي اتجهت نحو شمال وغرب المسجد، فقاموا بهدّ جزء من السقف ليحول ذلك دون انتشارها، لكنها كانت أسرع من أن تقف عند ذلك الحد، وكان في سطح المسجد أشخاص حاصرتهم النار ففروا باتجاه الشمال، منهم من نجا ومنهم من سقط في الحريق فهلكوا ، ومات في ذلك الحريق 17 شخصًا، منهم الشيخ شمس الدين محمد بن المسكين  وعدد من خادمي المسجد ونائب خازن دار الحرم، وسقط نحو 120 أسطوانًا من أساطين المسجد “وهي الأعمدة الحاملة للقباب في الروضة النبوية الشريفة”، ودُمر السقف بشكل شبه كلي .

توسعات المسجد النبوي عبر التاريخ

اجزاء المسجد النبوي :

* الــــدور الأرضي: 

يُعتبر هذا الدّور هو الدور الرئيسي في مبنى التوسعة، وأرضيته مغطاة بالرخام، وارتفاعه 12.55 متراً، وبلغ عدد الأعمدة الكلّي 2104 عموداً بارتفاعٍ حتى بداية القوس 5.6 متراً، وقد كُسيت بالرخام الأبيض المستورد من إيطاليا وإسبانيا.


* مـــــصلّى النساء: 

تم تخصيص أماكن للنساء في الجهة الشرقية الشمالية بمساحة 16,000 متراً مربعاً، وآخر في الجهة الغربية الشمالية بمساحة 8,000 متراً مربعاً.


* أبــــــواب المسجد: 

في عهد النبي صلى الله علية وسلم كان للمسجد 3 أبواب:

باب في الخلف، وباب عاتكة (ويُقال له باب الرحمة)، والباب الذي كان يدخل منه (ويُقال له باب جبريل)

ثم عندما أُمر المسلمون بتحويل القبلة إلى الكعبة، سُدّ الباب الخلفي، وفُتح باب آخر في الجهة الشمالية , وعند توسعة المسجد في عهد عمر بن الخطاب، زاد على الأبواب الموجودة 3 أبواب:

واحد في الجدار الشرقي (باب النساء)، وواحد في الجدار الغربي (باب السلام)، وزاد بابا في الجدار الشمالي، لتكون المحصلة 6 أبواب.

 وعند توسعة المسجد في عهد عثمان بن عفان، لم يزذ عليها شيئاً. وعند توسعة المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز، أصبح للمسجد 20 باباً:

8 في الجهة الشرقية، و 8 في الجهة الغربية، و 4 في الجهة الشمالية

وبعد زيارة المهدي سنة 165 هـ، زاد 4 أبواب خاصة غير عامة في جهة القبلة. وقد تم إغلاق هذه الأبواب جميعها قديماً عند تجديد حيطان المسجد، وبقيت منها 4 أبواب فقط. واستقر المسجد على 4 أبواب إلى أن أضيف باب في الجهة الشمالية أثناء العمارة المجيدية سنة 1277 هـ، فصار للمسجد 5 أبواب:

بابان في الجهة الشرقية (باب جبريل، وباب النساء)، وبابان في الجهة الغربية (باب السلام، وباب الرحمة)، وباب في الجهة الشمالية (الباب المجيدي).

وبعد التوسعة السعودية الأولى سنة 1375 هـ الموافق 1955، أصبح للمسجد 10 أبواب بعد أن زيد باب الصديق، وباب سعود، وباب الملك عبد العزيز، وباب عمر، وباب عثمان. 

وفي عام 1987، فُتح باب البقيع في الجدار الشرقي، بذلك ارتفع عدد الأبواب إلى 11 باباً. وبعد التوسعة السعودية الثانية أصبح 5 منها داخل مبنى التوسعة الجديدة، وصار عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلاً، بعضها يتكون من باب واحد، وبعضها من بابين ملتصقين و 3 أبواب و 5 أبواب متلاصقة، فيصير العدد الإجمالي 85 باباً. 

كان للمسجد قبل هذه التوسعة 11 باباً، أصبح 5 منها داخل مبنى التوسعة الجديدة، وهي باب الملك سعود وباب عمر وباب عثمان وباب عبد المجيد وباب الملك عبد العزيز. وصار عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلاً، بعضها يتكون من باب واحد، وبعضها من بابين ملتصقين و 3 أبواب و 5 أبواب متلاصقة، فيصير العدد الإجمالي 85 باباً. وقد بُنيت هذه المداخل من الخرسانة وكُسيت بالرخام ومن الخارج بالجرانيت، وزُوّدت بأبواب خشبية ضخمة بعرض 3 أمتار وارتفاع 6 أمتار، وزن 2.5 طن واستُخدم في تجهيز الأبواب الخشب العزيزي المستورد من السويد والمكسوّ بالبرونز، وكُتب في وسط كل باب “محمد ﷺ”، ويعلو كل باب لوحة من الحجر مكتوبٌ عليها آية ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ﴾. يمكن فتح هذا الابواب بكل سلاسه رغم وزنها الثقيل .

بوابة المسجد النبوي / البوابات الحديثة

ومن أهمّ أبواب المسجد التاريخية :

1- باب جبريل: يقع هذا الباب في الجدار الشرقي للمسجد، وكان يسمى بـ “باب النبي ﷺ” لأن النبي محمد  كان يدخل منه للصّلاة. وكان يُسمى بـ «باب عثمان»، لوقوعه مقابل دار عثمان بن عفان،  وَسَمِّي بباب جبريل، لما رُوي أن جبريل جاء على فرس في صورة دحية الكلبي، ووقف بباب المسجد وأشار للنبي محمد  بالمسير إلى قريظة. ولما وسع عمر بن عبد العزيز المسجد، جعل مكان الباب باباً مقابل الحجرة النبوية، وقد سُدّ الباب لاحقاً عند تجديد الحائط، وفي مكانه اليوم نافذة إلى خارج المسجد، وهو الشباك الثاني على يمين الخارج من باب جبريل، وكتب في أعلى النافذة آية ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ﴾.

2- باب النساء: فَتَح هذا الباب عمر بن الخطاب في الجدار الشرقي في مؤخرة المسجد، حيث رُوي عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال: «لو تركنا هذا الباب للنساء». وكان كلما زيد في المسجد من جهته، بُني في محاذاة الأول.

باب النساء

3- باب الرحمة: فَتح هذا الباب النبي صلى الله عليه وسلم في الجدار الغربي للمسجد، وكان كلما زِيد في المسجد من جهته، بُني في محاذاة الأول. وكان يُسمّى «باب عاتكة»، لوقوعه مقابل دار عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية. وسُمي بباب الرحمة لأنه المشار إليه بنحو «دار القضاء» الذي سأل بعض من دخل منه النبي في الاستسقاء، ففعل وأُجيب بالغيث والرحمة.

4- باب السّلام: ويُقال له أيضاً «باب الخشية» و«باب الخشوع»، وقد فتح هذا الباب عمر بن الخطاب في الجدار الغربي للمسجد، وسُمّي بذلك لأنه في محاذاة المواجهة الشريفة والتي هي موضع الزائر للسّلام على النبي .

5- باب عبد المجيد: فتح هذا الباب السلطان عبد المجيد الأول في الجهة الشمالية للمسجد سنة 1277 هـ، فعُرف بـ «الباب المجيدية». ولما زيد في المسجد من الجهة الشمالية أثناء التوسعة السعودية الأولى .


* الـــــــــــــمــآذن:

لم يكن في عهد النبي  أي مآذن، ولا في عهد الخلفاء الراشدين. وكان أول من أحدثها في المسجد النبوي عمر بن عبد العزيز أثناء توسعته عام 91 هـ، فقد بنى للمسجد 4 مآذن في كل زاوية من زواياه. وكان طول هذه المآذن حوالي 27.5 متراً، وعرضها 4×4 م. وقد كان في عمارة المسجد النبوي في عمارة السلطان عبد المجيد الأول 5 مآذن هي:

1- المئذنة الشامية الغربية: وتُسمّى «الشكيلية» و«الخشبية» و«المجيدية»، وموقعها في الركن الشمالي الغربي للمسجد، وقد أزيلت في التوسعة السعودية الأولى، وبُني مكانها مئذنة أخرى.

2- المئذنة الشامية الشرقية: وتُسمّى «السنجارية» و«العزيزية»، لعمارة السلطان عبد العزيز الأول لها، وموقعها في الركن الشمالي الشرقي، وقد أزيلت في التوسعة السعودية الأولى، وبُني مكانها مئذنة أخرى.

3- المئذنة الجنوبية الشرقية: وتُسمّى «المئذنة الرئيسية»، وتحمل هذا الاسم إلى الآن، وهي المئذنة المجاورة للقبة الخضراء، وموقعها في الركن الجنوبي الشرقي للمسجد. وقد عمّرها السلطان قايتباي 3 مرات سنة 886 – 888 – 892 هـ، واتخذ لها أحجاراً سوداء، وزاد في طولها نحو 60 متراً، وهي الآن على عمارة قايتباي لها.

4- المئذنة الجنوبية الغربية: وتُسمّى «مئذنة باب السلام»، وهي الآن موجودة منذ عمارة السلطان محمد بن قلاوون سنة 706 هـ، وتقع في الركن الجنوبي الغربي من المسجد، وقد كانت مطلة على دار مروان بن الحكم، فأمر بهدمها لكشفها داره، ولم يزل المسجد على 3 مآذن إلى أن أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بإنشاء الرابعة سنة 706 هـ.

5- المئذنة الغربية: وَتَسَمَّى «مئذنة باب الرحمة»، عمّرها السلطان قايتباي سنة 888 هـ، وبُنيت خارج جدران المسجد النبوي، ضمن الدار الملاصقة للمسجد قرب باب الرحمة، وهي الدار التي كانت مخصصة لساكنى المدرسة المحمودية. وقد أزيلت هذه المئذنة في التوسعة السعودية الأولى مع الدار والمدرسة لتوسعة ما حول المسجد النبوي.

وفي التوسعة السعودية الأولى، هُدمت 3 مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة والمئذنة السنجارية والمجيدية في الجهة الشمالية، وبُنيت مئذنتان في الركن الشرقي والغربي من الجهة الشمالية، وارتفاع كل منها 72 متراً، فأصبح للمسجد 4 مآذن في أركانه الأربعة. 

وفي التوسعة السعودية الثانية، أُقيمت في مبنى التوسعة 6 مآذن، 4 منها موجودة بالأركان الأربعة للتوسعة، ومئذنتان في منتصف الجانب الشمالي، بارتفاع 103.89 متراً مع الهلال.

تتكون كل مئذنة من 5 أجزاء:

– مربعة الشكل، وضلعه 5.5 متراً، بارتفاع 27 متراً، مغطى بحجر الجرانيت.

– مثمن الشكل، وقطره 5.5 متراً، وبارتفاع 21 متراً، مغطى بالحجر الصّناعي الملوّن.

– أسطواني الشكل، وقطره 5 أمتار، وبارتفاع 18 متراً.

– أسطواني الشكل، وقطره 4.5 متراً، وبارتفاع 15 متراً.

– مخروطي الشكل، تعلوه قبة وينتهي بهلال برونزي طوله 6.7 متراً بوزن 4.5 طن مطلي بالذهب عيار 14 قيراطاً.

المأذنة الحديثة للمسجد النبوي

* القِباب المتحركة :

تمّ تأمين عدةَ أفنيةٍ مكشوفةٍ للمسجد بهدف التهوية والإنارة الطبيعية، وعددها 27 فناءً بمساحة 324 متراً مربعاً لكل منها. وغُطيت بقباب متحركة بارتفاع 3.55 متراً من منسوب سطح التوسعة، وعلى ارتفاع 16.65 متراً من منسوب الدور الأرضي، وبنصف قطر داخلي بلغ 7.35 متراً. وبلغ وزن الواحدة منها 80 طناً، ويتكون الوجه الداخلي من طبقات الخشب بسمك 20 مم مرصعاً بالأحجار القيّمة داخل إطارات مذهّبة، إذ أنه قد استخدم 67.5 كلغم من الذهب. ويتم التحكم بالقباب بواسطة جهاز كمبيوتر مركزي يعمل بالطاقة الكهربائية، ويستغرق فتح أو إغلاق القبة حوالي دقيقة واحدة. ويبلغ عدد هذه القباب :

القبة الخضراء (قبة رئيسية) – و 170 قبة رصاصية – و 27 قبة متحركة

القباب المتحركة

* قـــبة الـحجرة النبوية :

يُوجد قبتان مبنيّتان على الحجرة النبوية، الأولى قبّة صغيرة بُنيت تحت سقف المسجد، وقد بناها السلطان  قايتباي بدلاً من السقف الخشبي الذي كان موجوداً، والثانية قبّة كبيرة خضراء اللون تظهر على سطح المسجد، وقد بناها السلطان قلاوون الصالحي، وأعاد السلطان قايتباي بناءها.

القبة الأولى – القبة الخضراء الخارجية : كان سطح المسجد الذي فوق الحجرة النبوية محاطاً بسور من آجر بارتفاع 0.9 متر تقريباً، تمييزاً لها عن بقية سطح المسجد، وفي سنة 678 هـ أمر السلطان قلاوون الصالحي ببناء قبّة على الحجرة النبوية، فعُملت قبة مربعة من الأسفل مثمّنة من الأعلى بأخشاب أُقيمت على رؤوس السواري المحيطة بالحجرة النبوية، وكان حول هذه القبة بالسّطح الأعلى ألواح رصاص مفروشة ، ويحيط بها سور من خشب جُعل مكان السور القديم. تم تجديد هذه الألواح الخشبية سنة 765 هـ. وفي عهد السلطان قايتباي، وعندما احترقت القبة أثناء الحريق الثاني سنة 886 هـ، أمر بتبديل القبة الخشبية بأخرى من آجر، وأن يؤسس لها دعائم عظام بأرض المسجد فأحدث دعامتين عن يمين مثلث الحجرة ويساره. ثم بعد مدة ظهرت شقوق في أعلى القبة، فأمر بهدم أعالي القبة وإعادة بناءها من جديد بدلاً من الترميم، وذلك عام 892 هـ. وفي عهد السلطان محمود بن عبد الحميد خان، حدث تشقق آخر في أعلى القبة، فأمر بتجديدها، فهدم أعلاها وأعاد بناءها، بعد أن جعلوا حاجزاً من خشب بينها وبين القبة اَلسُّفْلَى بحيث لا يسقط شيء من الهدم. وكان ذلك سنة 1233 هـ. ثم في سنة 1253 هـ أمر السلطان محمود بصبغها باللون الأخضر، وكان لونها قبل ذلك أَزْرَقَ / فضي ، فصارت تُسمّى بـ «القبة الخضراء»، بعد أن كانت تُعرف بـ «القبة البيضاء» و«القبة الزرقاء» و«القبة الفيحاء». وفي نهاية القرن الثالث عشر الهجري، سقط شباك من شبابيك القبة الكبيرة من الجهة الشرقية إلى جوف الحجرة النبوية، بعد أن هبّت ريح شديدة، فأُعيد تعميرها سنة 1297 هـ.أما الشباك الذي في القبة فهو موازي للشباك الذي في القبة الداخلية ويقع فوق القبر الشريف. وكان خدم الحرم يفتحونه يوم صلاة الاستسقاء، فقد روى ابن حجر العسقلاني أنه: «قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة، فقالت: انظروا قبر النبي فاجعلوا منه كوّى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف. ففعلوا فَمُطِروا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسُمي «عام الفتق»».

القبة الثانية – قبة الحجرة الداخلية: عندما أنهى السلطان قايتباي ترميماته للمسجد سنة 881 هـ  الموافق  1477، قبل الحريق الثاني قام باستبدال السقف الخشبي للحجرة النبوية بقبة صغيرة تحت سقف المسجد، فتم بناء طوقاً على شكل قوس من الجهة الشرقية لتكوين الشكل المربع لتقوم عليها القبة، فعقدوا القبة على جهة الغربية بأحجار منحوتة من الحجر الأسود وأكمّلوها من الحجر الأبيض، ونصبوا بأعلاها هلالاً من نحاس، وبيّضوا القبة وجميع جدرانها من خارجها بالجص. وكانت ارتفاع القبة من أرض الحجرة إلى بداية الهلال نحو 9 أمتار، وتم الانتهاء منها في شوال881 هـ. ويوجد في أعلى هذه القبة كوّة (فتحة) صغيرة على مستوى قبر النبي ﷺ في الجهة الجنوبية، وعليها شبكة من السلك الخفيف تمنع سقوط الطيور فيها، ويوجد على مستواها كوّة أخرى في القبة الخضراء.


* المظلات في صحن المسجد: 

ويبلغ اجمالي عددها 250 مظلة ، وتقدر المساحة التي تغطيها 150 الف متر مربع ، ويبلغ عدد القائمين على خدمات الصيانة والمتابعة والتنظيف لها 160 شخص ، وهذه المظلات عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض السميك، تحملها أعمدة حديدية مكسوة بالرخام الأبيض، قابلة للفتح والإغلاق بشكل آلي، وتُظهِر بحال فتحها شكل النوافير المائية، وفي حال إغلاقها تظهر كأنها منارات صغيرة ذات رؤوس مخروطية ولفتحها وغلقها يتم متابعة سرعة الرياح لتجنب الخطورة اثناء تحريكها.

وصممت هذه المظلات خصيصاً للمسجد النبوي، بحيث تظل كل مظلة نحو 800 مصل، وهي بارتفاعين مختلفين، بحيث تعلو الواحدة الأخرى، على شكل مجموعات، لتكون متداخلة فيما بينها، ويبلغ ارتفاع الواحدة 14.40 متر، والأخرى 15.30 متر، فيما يتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع 21.70 متر.

مظلات المسجد النبوي

* محاريب المسجد النبوي :

وهي مواضع الصلاة التي كان يصلّي عندها النبي محمد والأئمة من بعده، ولم تكن في عهد النبي محمد  ولا الخلفاء الراشدين محراب مجوّف، وأول من أستحدثه عمر بن عبد العزيز أثناء توسعته عام 91 هـ.

1- المحراب النبوي إلى بيت المقدس: في بداية إنشاء المسجد النبوي، كان النبي صلى الله علية وسلم يصلّي بالناس متجهاً إلى بيت المقدس مدة 16 شهراً وعدّة أيام، وكان موضع صلاته في شمال المسجد بحيث تكون «أسطوانة عائشة» في الخلف عند الأسطوانة الخامسة «باب جبريل».

2- المحراب النبوي: بعد نزول الأمر بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، صلّى النبي  بضعة عشر يوماً إلى «أسطوانة عائشة»، ثم بعد ذلك تقدّم إلى موضع «الأسطوانة المخلّقة» في الجهة الجنوبية للمسجد، والتي أقيمت في موضع جذع النخلة التي كان يصلّي إليها النبي، حيث روى أبي بن كعب قال: «كان النبي ﷺ يصلي إلى جذع نخلة إذ كان المسجد عريشاً، وكان يخطب إلى ذلك الجذع»،  وفي عهد عمر بن عبد العزيز، أقام محراباً مجوّفاً عن يسار الأسطوانة المخلّقة، فيما عُرف بـ «المحراب النبوي»، وبسبب وضع المحراب، صار من يسجد فيه يكون قد وضع جبهته في محل قدمي النبي  في الصلاة. فمن جعل هذه الأسطوانة عن يمينه، وتجويف المحراب عن يساره، فقد أصاب موضع صلاة النبي  ويعود بناء المحراب الموجود حالياً إلى عهد السطان المملوكي قايتباي سنة 888 هـ، كما يدل عليها العبارة المنقوشة على ظهر المحراب، ونصّها: «بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد، أمر بعمارة هذا المحراب الشريف النبوي العبد الفقير المعترف بالتقصير مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي خلد الله ملكه بتاريخ شهر الحجة الحرام سنة ثمان وثمانين وثمانمائة من الهجرة النبوية»، وتم ترميمه بعد ذلك في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود.

يرجع بناء المحراب النبوي الذي يأتي في مقدمة محاريب مسجد خاتم الأنبياء – عليه أفضل الصلاة والسلام – إلى عهد السلطان قايتباي سنة 888 هـ ، ورمم هذا المحراب في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – ترميماً شاملاً سنة 1404هـ بعد أن حصل تفكك وتصدع في الفسيفساء والرخام أمر بتجديده الملك فهد بن عبدالعزيز .

3- المحراب العثماني: وهو موضع مصلى عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد التوسعة التي قام بها في عهده، وقد بنى المقصورة على مصلاه وكان يصلي فيها حِيطةً من أن يصيبه مثل الذي أصاب عمر بن الخطاب من القتل والطعن، وأحدث عمر بن عبد العزيز المحراب المجوّف في الجدار الجنوبي أثناء عمارته سنة 91 هـ، وسُمي بـ «المحراب العثماني».

يقع في حائط الجدار القبلي من المسجد النبوي ، وقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يصلي إماماً بالمسلمين فيه ؛ حينما وسع المسجد النبوي ، ثم أقام الوليد بن عبد الملك رحمه الله في موضع مصلا عثمان رضي الله عنه محرابا ، سنة (91هـ) إذ لم يكن في عهد عثمان رضي الله عنه محاريب ، ثم وسعه بهذه الصفة الحالية السلطان قايتباي عام (888هـ)

4- محراب التهجد: يقع شمال شبك المقصورة من الخارج شمال الحجرة النبوية، وحوله حالياً «دكّة الأغوات»، خلف بيت فاطمة الزهراء، وبجانبه أسطوانة عن يمينه. وهو مصلى الرسول الكريم – عليه أفضل الصلاة والسلام – بالليل حيث كان يضع حصيراً كل ليلة إذا ذهب الناس عنه، ثم يصلّي صلاة الليل. وثبت أن محراب التهجد كان موجودًا في عصر ابن النجار المتوفَّى 643 هـ فقد جدد هذا المحراب في عمارة قايتباي سنة 888 هـ ، ثم جُدد في العمارة المجيدية واتخذوا قطعة واحدة من الحجر الأحمر وأبدعوا في تصنيعه وكتبوا عليه آية التهجد وحلوه بماء الذهب ومازال المحراب موجود إلا أنه حالياً غطى بدولاب خشبيٍ تُوضع فيه المصاحف .

5- محراب فاطمة: ويوجد أمام محراب التهجد داخل المقصورة، خلف حجرة النبي صلى الله علية وسلم ، وهو محراب مجوف مرخم شبيه بمحراب النبي صلى الله علية وسلم وهو على العهد المملوكي .

6- المحراب السليماني: ويُسمّى بـ «المحراب الحنفي»، وهو علي يمين الواقف في المحراب النبوي عند الأسطوانة الثالثة غربي المنبر. حيث كانت الإمامة في المسجد للمالكية، وفي القرن السابع الهجري تم تعيين إمام شافعي، وفي النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، تم تعيين إمام حنفي وقام طوغان شيخ ببناء هذا المحراب، بعد عام 860 هـ وعين فيه إمامًا حنفيًّا وهو محمد بن إبراهيم بن أحمد الحنفي ولهذا عُرف بـ «المحراب الحنفي»، واستمر هذا المحراب إلى أن جدده السلطان سليمان خان المعروف بسليمان القانوني عام (948هـ) وزخرفه بالرّخام الأبيض والأسود، وكتب عليه: «أنشأ هذا المحراب المبارك الملك المظفر السلطان سليمان شاه ابن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان أعز الله أنصاره تاريخ شهر جمادى الأولى سنة ثمان وتسعمائة من الهجرة النبوية»، واشتهر هذا المحراب لاحقاً بـ «المحراب السليماني».

المحراب السليماني أو الحنفي

هي السواري (الأعمدة) التي في المسجد النبوي في القسم القبلي منه أقيمت في عمارة السلطان العثماني عبد المجيد الأول في مكان السواري التي كانت في عهد عهد النبي ﷺ من جذوع النخل، فقد تحرّوا عند البناء مواقعها. وأطلقت الاسماء لهذه الأساطين للدلالة على مكانها. وفي المسجد النبوي 8 أسطوانات دخلت التاريخ، اثنان منها داخل المقصورة الشريفة وست أساطين خارجها، ولكل واحدة منها قصة في زمن النبي ﷺ

اماكن أعمدة المسجد النبوي أو ما يعرف بالأساطين

1- الإسطوانة المخلّقة: وتُعرف بالأسطوانة «المطيّبة» و«المعطّرة ، وعَلَم المصلّى» أي أنها عَلَم (إشارة) على مصلّى النبي ﷺ ، لذلك هي موجودة الآن ملاصقة للمحراب النبوي وقد كان الصحابي سلمة بن الأكوع يتحرّى الصلاة عندها، فلما سُئل عن ذلك قال: «إني رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها». ونُقل عن مالك قوله: «أحب مواضع التنفل فيه مصلى النبي حيث العمود المخلّق».

وقصة هذه الاسطوانة يعود الى أن النبي ﷺ كان يخطب أولاً إلى جذع نخلة ثم صُنع له المنبر فصار يخطب عليه، روى البخاري في صحيحه عن جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم. فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلّم فضمَّه إليه يئِنُّ أنين الصبي الذي يُسَكَّن قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها». وأقيم مكان هذا الجذع أسطوانة تعرف بالإسطوانة المخلّقة أي: المطيبة ، ولحرمة هذا المنبر جعل النبي محمد إثم من حلف عنده -كاذباً- عظيماً، حيث قال: «لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجب له النار».

2- أسطوانة السيدة عائشة: وهي الثالثة من المنبر، والثالثة من القبر، والثالثة من القبلة، وتُعرف بأسطوانة «القُرعة» و«المهاجرين»، وقد سَمَّيْت بأسطوانة عائشة، لأن عائشة بنت أبي بكر هي التي أخبرت بها، وحددت مكانها، وقيل: هي التي كانت عائشة تتهجد عندها ليلاً.

 أما تسميتها بأسطوانة القرعة، فللحديث الذي روته عائشة، عن النبي محمد ﷺ أنه قال: «إن في مسجدي لبقعة قبل هذه الأسطوانة، لو يعلم الناس، ما صلّوا فيها إلا أن تطير لهم قُرعة». وأما تسميتها بأسطوانة المهاجرين، فلإن أكابر الصحابة من المهاجرين، كانوا يجتمعون عندها، واعتادوا الجلوس حولها، وتحروا الصلاة إلى جوارها. وهي الأسطوانة التي صلّى عندها النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين بضعة عشر يوماً بعد تحويل القبلة.

3- أسطوانة التوبة: وهي الرابعة من المنبر، والثانية من القبر، والثالثة من القبلة، وَتُعْرَف بأسطوانة «أبي لبابة»، لأنه ربط نفسه بضع عشر ليلة بعد الذي أفضى به لحلفائه بني قريظة، وبعد أن ندم على ما فعل كانت ابنته تحلّ رباطه إذا حضرت الصلاة، وحلف إلا يحلّ نفسه حتى يحله النبي صلى الله عليه وسلم ، فحلّه بعد أن نزلت توبته في القرآن الكريم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي نوافله عند هذه الأسطوانة، وينصرف إليها بعد صلاة الفجر، ويعتكف وراءها.

4- أسطوانة السرير: وتقع شرقي أسطوانة التوبة وتلتصق بالشباك المطل على الروضة. وهي محلّ اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان له سرير من جريد النخل، وكان يوضع عند هذه السارية، كذلك كانت له وسادة تطرح له، فكان يضطجع على سريره عند هذه الأسطوانة.

5- أسطوانة الحرس: وتقع خلف أسطوانة السرير من جهة الشمال، والأسطوانة الملاصقة للمقصورة النبوية، وهي مقابل الخوخة التي كان النبي ﷺ يخرج منها إذا كان في بيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها إلى الروضة للصلاة، كما تسمى بأسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه كان يجلس عندها ليحرس النبي ﷺ. وسميت بهذا لأن حرس النبي ﷺ كانوا يجلسون عندها، حتى نزل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» [المائدة/67] وقد جاء في السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني: كان يحرس حتى نزلت هذه الآية: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } فأخرج رسول الله ﷺ رأسه من القبة فقال لهم: يا أيها الناس ! انصرفوا فقد عصمني الله ].

6- أسطوانة الوفود: وتقع خلف أسطوانة المحرس من الشمال، وكان النبي ﷺ يجلس إليها لوفود العرب إذا جاءته. وكانت تعرف بمجلس القلادة، يجلس إليها سراة الصحابة وأفاضلهم.

7- أسطوانة مربعة القبر: ويقال لها «مقام جبريل»، وتقع في حائز الحجرة المخمّس عند المنحرف الغربي إلى الشمال بينها وبين أسطوانة الوفود، الأسطوانة اللاصقة بشباك الحجرة.

8- أسطوانة التهجد: وتقع خلف بيت فاطمة بنت محمد من جهة الشمال، وفيها «محراب التهجد» إذا توجّه المصلي إليه كانت يساره إلى جهة باب عثمان المعروف بباب جبريل. وذكر السمهودي ما يدل على أفضلية الصلاة عند هذه الأسطوانة حيث يقول: «قال عيسى: وحدثني سعيد بن عبد الله بن فضيل قال: «مُرَبِّي محمد بن الحنفية وأنا أصلي إليها، فقال لي: أراك تلزم هذه الأسطوانة، هل جاءك فيها أثر؟ قلت: لا، قال: فالزمها فإنها كانت مصلى رسول الله من الليل»»


وهي البيوت التي سكنها النبي ﷺ مع أزواجه أمهات المؤمنين، فعندما قدم النبي ﷺ المدينة المنورة، بنى مسجده وبنى حجرتين لزوجتيه عائشة بنت أبي بكر وسودة بنت زمعة، ولما تزوّج بقية نسائه، بنى لهنّ حجرات، وكانت هذه الحجرات مطلّة على المسجد من جهة القبلة والمشرق والشمال، مبنيّة من اللبن وجريد النخل. ولما قام عمر بن عبد العزيز بتوسعة المسجد، هدم الحجرات النبوية وأدخلَها في المسجد إلا حجرة عائشة، والتي يُعبّر عنها الآن بـ «الحجرة النبوية الشريفة»، وهي البيت الذي كان يسكن فيه النبي ﷺ مع زوجته عائشة بنت أبي بكر، والذي دُفن فيه بعد وفاته  ودُفن فيه أيضاً أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، ثم سيُدفن فيه النّبي .

في بداية الأمر كانت حجرة عائشة بنت أبي بكر مصنوعة من جريد النخل مستورة بكساء الشعر، وكان بابه مِصْرَاعَا من عرعر أو ساج، فلما تولّى عمر بن الخطاب أعاد بناء الحجرة، واستبدل الجريد بجدار من لبن، ثم بنى عبد الله بن الزبير جدار الحجرة، روى ابن سعد عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: «لم يكن على عهد النبي ﷺ على بيته حائط، وكان أوّل من بنى عليه جداراً عمر بن الخطاب، وكان جداره قصيراً، ثم بناه عبد الله بن الزبير بعد، وزاد فيه». وأثناء عمارة عمر بن عبد العزيز للمسجد، أعاد بناء الحجرة بأحجار سوداء بنفس المساحة. بعد مضي فترة من الزمن ظهر انشقاق في جدار الحجرة، فسُدّ بإفراغ الجص فيه، واستمر هذا الوضع إلى أن تم تجديد جدار الحجرة في عهد السلطان قايتباي سنة 881 هـ.

الحجرة النبوية

اختلفت الروايات التاريخية في بيان صفة قبر النّبي محمد ﷺ  وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الحجرة النبوية، ورجّح السمهودي القول بأن قبر النبي محمد ﷺ  موجود في جهة القِبلة مُقدّماً، ويليه قبر أبي بكر من الخلف ورأسه عند كتف النبي محمد ﷺ ، ويليه قبر عمر ورأسه عند كتف أبي بكر، كما رُوى ذلك عن نافع بن أبي نعيم، وقال السمهودي بأن هذه الرواية هي التي عليها الأكثر.

وتفيد الآثار عن وجود موضع لقبر رابع في الحجرة، حيث عَرضت عائشة بنت أبي بكر على عبد الرحمن بن عوف أن يُدفَن في هذا الموضع بعد وفاته، لكنه رفض وقال: «إِني سمعتك تقولين: ما وَضعتُ خمَاري منذ دُفن عُمَر رضي الله عنه، فأكره أن أضيّق عليك بيتك، ونتخذ بيت رسول الله مقبرة». وقد قالت أيضاً في وصيتها لعبد الله بن الزبير: «لا تدفني معهم، وادفني مع صواحبي بالبقيع، لا أزكى به أبداً». وقد روت كتب الحديث أن عيسى بن مريم عندما ينزل من السماء سيُدفن في هذا الموضع بعد وفاته، حيث رَوى الترمذي عن عبد الله بن سلام قال: «مكتوب في التوراة صفة محمد ﷺ، وعيسى بن مريم يُدفن معه».

واجهة ضريح النبي محمد ﷺ وأبي بكر وعمر داخل المسجد النبوي عليها لوحة من الفضة هدية من السلطان العثماني أحمد الأول في القرن 11 هجري وضعت فوق باب التوبة في المواجهة الشريفة لوحة الفضة في المواجهة عليها ثبت مؤرخا في 1026 هجري غير واضح الآن شبه مطموس وهذا نصه ( بسم الله الرحمن الرحيم : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم. يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا.اللهم يا رحمن بجاه هذا النبي الكريم اغفر لعبدك المنقاد لأحكام شريعة نبيك العظيم السلطان أحمد بن السلطان محمد بن السلطان مراد السلطان بن السلطان سليم بن السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد ابن السلطان محمد بن السلطان مراد بن السلطان بايزيد بن السلطان مراد بن السلطان أورخان بن السلطان عثمان نصرا عزيزا وافتح له فتحا مبينا. و«تاريخ الإهداء بحساب الجمل» ألهمت في تاريخه أهداه حبا خالصا 1026هـ) . وكذلك كتب على جانبي اللوح لا إله إلا الله الملك الحق المبين محمد رسول الله الصادق الوعد الأمين.

ضريح النبي

ويُسمى بـ «الحائط المخمّس»، أو «الحظيرة المخمّس»، وهو سور خماسي الشكل بناه عمر بن عبد العزيز حول الحجرة النبوية أثناء عمارته للمسجد سنة 91 هـ، وهو بارتفاع 6.5 متراً، وليس له بابٌ ولا سقفٌ. وقد ذكر السمهودي سبب كونه خماسياً لا رباعيّاً فقال: «خشية أن يشبه الكعبة المشرّفة في بنائها المربّع، وخشية أن يستقبله النّاس كما يستقبلون الكعبة»، وقال ابن حجر الهيتمي: «لمّا وُسّع المسجد الشريف جُعلت حجرته ﷺ مثلث الشكل حتى لا يصلّي إلى جهة القبر الشريف مع استقباله القبلة».

 وقد اعتنى الخلفاء والسلاطين بهذا الحائز على مر السنين، فكانوا يقومون بترميمات مناسبة له، فبعد الحريق الأول عام 654 هـ جرى الترميم الأول له، ثم في سنة 881 هـ تم الإصلاح الشامل له، وذلك بتجديد بعض الجدران وتجديد الرخام. وما زال الحائط المخمّس على بنائه القديم إلى يومنا هذا.


وهي عبارة عن السّور الدائر حول الحائط المخمّس، ويُطلق اسم «الحجرة النبوية الشريفة» على هذه المقصورة أيضاً. وهي موجودة في القسم الجنوبي الشرقي للمسجد، مسوّرة بسور من النحاس والحديد، طول ضلعيها الجنوبي والشمالي 16 متراً، وضلعيها الشرقي والغربي 15 متراً، وأول من أحدث هذا السور الظاهر بيبرس سنة 668 هـ وكان من خشب، وكان ارتفاعه نحو القامتين، فزاد عليه الملك زين الدين كتبغا المنصوري سنة 694 هـ شباكاً ووصله بسقف المسجد. وبعد أن احترقت المقصورة الخشبية في الحريق الثاني عام 886 هـ الموافق 1481 أمر السلطان قايتباي بوضع الشبابيك النحاسية والحديدية، فوُضعت في الجهة الجنوبية، ووضعت في الجهة الشرقية والغربية والشمالية شبابيك من الحديد المصبوغ بالأخضر. ووضع أيضاً شبكة من حديد داخل المقصورة يفصل بين بيتي فاطمة الزهراء، وعائشة بنت أبي بكر، فصارت المساحة الموجودة في الجهة الشمالية كأنّها مستقلة، طولها من الجنوب 14 متراً، ومن الشرق والغرب 7 أمتار، ولها بابان على يمين المثلث ويساره.

وللمقصورة 4 أبواب: باب جنوبي ويُسمى «باب التوبة» – باب في الغرب ويُقال له «باب عائشة» أو «باب الوفود»، لأنه يلي أسطوانة الوفود – باب في الشرق يُقال له «باب فاطمة» لأنه قريب من بيتها – باب في الشمال ويُقال له «باب التهجد» لأنه قريب من محراب التهجد.

وهذه الأبواب حالياً مغلقة إلا باب فاطمة فإنه يُفْلِح للأعيان وبعض الوفود الرسميّة.


وهي موضع في المسجد النبوي واقع بين المنبر وحجرة النبي ﷺ، ومن فضلها عند المسلمين ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي». وطولها من المنبر إلى الحجرة حوالي 26.5 متراً، وهي الآن محددة بسجاد أخضر اللون مختلف عن بقية سجاد المسجد.


وهومكان اهل الصفة وقد كان يقع سابقاً قبل التوسعات الاستحداثات في القسم الثالث أو القسم الخلفي للمسجد النبوي واهل الصفة هم الفقراء من المهاجرين ومن لم يكن لهم منزل أو مسكن أو عشيرة فبعدما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة أمر النبي ﷺ بعمل سقف على الحائط الشمالي الذي صار مؤخر المسجد، وقد أعد هذا المكان لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل وإليه يُنسب أهل الصفة من الصحابة ومن أشهرهم أبو هريرة. وكان جُل عمل أهل الصفة تعلّم القرآن والأحكام الشرعية من رسول الإسلام أو ممن يأمره رسول الإسلام بذلك، فإذا جاءت غزوة، خرج القادر منهم للجهاد فيها. واتفقت معظم الأقوال على أن ما يقرب من أربعمائة صحابي تواردوا على الصّفة، في قرابة 9 أعوام، يقول أبو هريرة: «لقد رأيت معي في الصفة ما يزيد على ثلاثمائة، ثم رأيت بعد ذلك كل واحد منهم واليًا أو أميرًا، والنبي صلى الله عليه وسلّم قال لهم ذلك حين مر بهم يوماً ورأى ما هم عليه».


وهو أحد آبار المدينة المنورة، كان يملكها الصحابي أبو طلحة الأنصاري، وعندما نزلت الآية ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران:92]

تصدّق بها أبو طلحة، وكان النبي ﷺ يستعذب ماءها، وهي تقع الآن داخل المسجد النبوي من الجهة الشمالية بالقرب من باب الملك فهد.


والخوخة هي باب صغير، وأصلها الفتحة في الحائط. وقد كانت خوخة أبي بكر غربي المسجد قرب المنبر. ولما أدخل عمر بن الخطاب دار أبي بكر في المسجد، جعل الخوخة في محاذاة مكانها الأول. وفي العمارة المجيدية، كان هذا الباب (الخوخة) يفتح على مستودع، وقد فُتح مكانه باب الصدّيق أثناء العمارة السعودية الأولى، وهو بثلاث فتحات متلاصقة، والفتحة الجنوبية هي خوخة أبي بكر.


وتُسمّى بـ «المكبرية» وهي المقصورة التي يقف عليها المؤذن حالياً، وتقع شمالي المنبر، وهي عبارة عن دكة عالية مربعة رخامية قائمة على أعمدة. وكان وجود هذه الدكة منذ عهد السلطان قايتباي، وقد تم توسعتها سنة 1982.


تبلغ مساحة سطح التوسعة حوالي 67,000 متراً مربعاً، منها 58,250 متراً مربعاً مهيأة للصلاة فيها، وتستوعب 90,000 مصلّ.


تمّ إحاطة المسجد من الناحية الجنوبية والغربية والشمالية بمساحات بلغت 235,000 متراً مربعاً، وقد غُطيت جزء منها بالرخام الأبيض العاكس للحرارة، والباقي غُطي بالجرانيت، والحجر الصناعي، وتم إضاءتها بوحدات إضاءة مثبتة على 151 عموداً مكسواً بالجرانيت، وأحيطت هذه السّاحات بسور طوله 2270 متراً، وبه بوابات. وتستوعب هذه الساحات حوالي 430,000 مصلّ. وتضم هذه الساحات مداخل لدورات المياه، والمواضيء، وأماكن الاستراحة للزوّار، وتتصل بمواقف السيارات التي توجد في طابقين تحت الأرض.


تضمنت أعمال التّوسعة إنشاء دور سفلي بمساحة 82,000 متراً مربعاً، وبارتفاع 4.1 متراً، وكُسيت كامل الأرضية بالسيراميك. وصُممت خصيصاً لتستوعب التجهيزات المختلفة من أعمال التكييف، والتهوية، وشبكات المياه والصرف الصحي، وشبكة الإنذار، وإطفاء الحريق، وشبكة مياه الشرب، وأجهزة النحكم بالقباب، وأنظمة الصوت والكاميرات، إلى غير ذلك من الأعمال، ولهذا الدور 8 مداخل.


وتقع تحت الساحات المحيطة بالمسجد من الجهة الجنوبية والشمالية والغربية، وتتكون من طابقين تحت سطح الأرض، وتتصل بالطرق الرئيسية بواسطة 6 مداخل ومخارج للسيارات، وتستوعب حوالي 4,444 سيارة اذ تقدر الطاقة الاستيعابية لها ما يعادل 20,000 انسان تقريبا .


تحتوي المواقف على مباني للخدمات وعددها 15 وحدة، كل منها تتكون من 4 أدوار وتربط المواقف بالسّاحات الخارجية بواسطة سلالم كهربائية، وتشمل هذه الوحدات 690 نافورة لشرب المياه، و 1890 دورة مياه، و 5600 وحدة للوضوء.


يوجد في ساحة الحرم النبوي غرفة مخصصة لألعاب الأطفال مخصصة للأطفال الذين يتيهون من اقاربهم داخل الحرم النبوي فنتيجة للأفواج الضخمة احتمالية ضياع الأطفال واردة ولتقليل حالات ضياع الاطفال يتم وضع اسوارة في معصم الطفل عند دخوله الحرم النبوي يسجل فيه رقم الوالدين للتمكن من التواصل معه في حالة العثور على الطفل اذا تاه من والديه ويقدر عدد موظفيه 15 موظف يعملون لـ 24 ساعة على مدار اليوم .


للتحكم في هذه الأبواب خصصت لها إدارة منفصلة تابعة للرئاسة العامة للمسجد النبوي تسمى بـ “إدارة الأبواب” وتعتبر من أكبر الإدارات في الحرم النبوي وتتكون من أكثر من 360 موظف يعملون على مدار الساعة طوال العام ومن مهامها ( الإشراف على فتح الأبواب وإغلاقها – تيسير دخول وخروج المصلين – منع دخول الأمتعة والأغراض التي قد تضايق المصلين) .


أُسست مكتبة المسجد النبوي عام 1352 هـ الموافق 1933 باقتراح من مدير الأوقاف في المدينة المنورة آنذاك السيد عبيد مدني، وكان أول مدير لها هو السيد أحمد ياسين الخياري. وبالمكتبة بعض الكتب التي يعود تاريخ وقفها على المسجد النبوي قبل تاريخ إنشاء المكتبة، مثل مكتبة الشيخ محمد العزيز الوزير التي أوقفت عام 1320 هـ، وهي من الكتب التي أدخلت في المكتبة بعد تأسيسها، وكانت هناك كتب في الروضة الشريفة على بعضها تاريخ متقدم عن تاريخ تأسيس المكتبة. وقد ذكر صاحب كتاب «خزائن الكتب العربية» أن مكتبة المسجد النبوي الشريف تكونت قبل حريق المسجد النبوي في 13 رمضان عام 886 هـ، حيث احترقت خزائن المصاحف والكتب في ذلك الحريق، وكانت تضم الخزائن كتباً نفيسة ومصاحف عظيمة. وموقع المكتبة حالياً داخل المسجد النبوي الشريف حيث يسمح لجميع زوار المسجد النبوي الشريف بالاستفادة من المكتبة والخدمات المقدمة فيها.


كان السّلاطين والأمراء يهدون الحجرة النبوية نوادرَ ثمينةً تُوضع داخلَها، وفي عام 1981 م تم حفظها في الغرفة التي بُنيَت خصيصاً فوق مكتبة المسجد النبوي، ولها مدخل تحت المأذنة السعودية القديمة على يمين الداخل من باب عمر.


تتكون الحوائط من حائطين بينهما فراغ مرتبطة بأعمدة مسلّحة، وتبلغ سماكة الحائط الداخلي 30 سم، والخارجي 30 سم. وجميع الحوائط والعقود والأسقف مبنية من الخرسانة المسلحة وقد كُسيت من الداخل ببلاطات من الحجر الصناعي.

تمّ تصميم أعمال الزخرفة بحيث تناسب نظيرتها في التوسعة السعودية الأولى، وتشمل هذه الأعمال : الزخارف، الكرانيش لتجميل الحوائط، المآذن ،أعمال الحديد المشغول، الأبواب الخشبية المطعمة بالنحاس، وأعمال التكسية بالرخام المزخرف.


المرافق والخدمات الأخرى للمسجد النبوي :

ــ خدمة نقل مياة زمزم :

يتم نقل ماء زمزم من مكة الى المدينة بمعدل 250 طن يومياً اي “12 صهريج ماء أو ما يعرف بالوايت” في المواسم وتنقل بطريقة حريصة اذ يتم ختم خزانات المياة بأقفال لكي لا يتم فتحها او التلاعب بها خلال الطريق وعند وصولها الى المدينة تفتح بمفتاح مخصص ويتم أخذ عينة لإجراء الفحص عليها في المختبرللتأكد من سلامة المياه ثم يتم تفريقها في حزانات “4 خزانات تحت الحرم النبوي ” ومن تلك الخزانات يتم تعبئة 7000 حافظة لمياه زمزم يتم توزيعها داخل وخارج المسجد النبوي.

ــ خدمة السجاد:

من الادارات التابعة للرئاسة العامة للمسجد النبوي “ادارة السجاد” اذ يحتوي الحرم النبوي على 16,000 سجاد يوضع على كل سجادة “باركود” مخصص يقرأ بالجهاز الخاص بذلك لتعقب دورة حياة السجادة منذ بدء استخدامها في المسجد الحرام الى تلفها ويتم به قراءة عمر السجادة ومتى تم تنظيفها ومعود التنظيف التالي وموقعها ضمن المسجد النبوي.

ــ خدمة موائد الإفطار:

الإثنين والخميس من كل اسبوع وايضا ايام البيض من كل شهر الى جانب جميع ايام رمضان من كل سنة تعتبر من الأوقات التي يتم فيها اعداد وتجهيز هذه الموائد والمسؤول عنها أهل الخير وتعتبر من العادات المتوارثة لدى أهل المدينة من فكرة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وعملية توزيع وترتيب هذه الموائد تتم بطريقة منظمة اذ يتم صرف بطاقة خدمة إفطار للأفراد محدد فيها الايام وعدد الصائمين ووجبات الطعام وايضا باب الدخول الذي سيتم منه فرش تلك المائدة وباقي الطعام يتم تغليقها وتوزيعها للأفراد وتبلغ عدد الموائد 5300 مائدة

الوجبات 122,000 وجبة افطار في اليوم خلال شهر رمضان اي ما يعادل 3,000600 وجبة خلال الشهر

ويعد الاطعام في الحرم النبوي والحرم المكي من اكبر عمليات الاطعام في العالم.

ــ مصحف المدينة المنورة “مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف” :

تمر عملية انتاج المصحف بعدة مراحل كالتالي :

  • كتابة المصحف يدوياً والشخص الذي قام بكتابة مصحف المدينة المنورة هو الشيخ “عثمان طه”.
  • تحويل المخطوطة اليدوية الى مخطوطة رقمية او ما يسمى بالديجيتال.
  • وضع المخطوطة الرقمية على صفائح معدنية بمعدل 8 صفحات في الصفيحة الواحدة .
  • تجهيز ورق خاص لطباعة المصحف .
  • من الصفائح المعدنية يتم الطباعة على الأوراق .
  • يقوم فريق المراقبة بأخذ عينات حشوائية للتدقيق الأولي .
  • بعد الإنتهاء من عملية التدقيق يتم ختم المصحف .
  • يتم تجهيز المصحف للتغليف .
  • مراقبة تأكيد الجودة 380 موظف يقوموا بمراجعة المصحف لتأكيد الجودة .

مـــقبرة الـــبقيع :

وهي المقبرة الرئيسة لأهل المدينة المنورة منذ عهد النبي  ﷺ ، وتقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد النبوي، وتبلغ مساحته الحالية 180,000 متر مربع. ويضم رفات الآلاف من أهل المدينة ومن توفي فيها من المجاورين والزائرين أو نقل جثمانهم على مدى العصور الماضية، وفي مقدمتهم الصحابة، إذ يُروى أن عشرة آلاف صحابي قد دُفنوا فيه، منهم عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين ومعظم أمهات المؤمنين زوجات النبي  ﷺ ، وابنته فاطمة الزهراء، وابنه إبراهيم، وعمه العباس، وعمته صفية، وحفيده الحسن بن علي، وكذلك علي بن الحسين . وايضا دفن فيها ملايين المسلمين عبر 1400 سنة وتعتبر أقدم مقبرة تعمل الى الآن

ويعتبر نظام الدفن فيه نظام اللحد “هو ما يتم فيه حفر حفرة وفي الجانب المواجه للقبلة يتم عمل فتحة ووضع جسد الميت فيه على جانبه الأيمن ثم تغلق بالطوب ثم يحث التراب عليه “


مــتحف الــمدينة الـمنورة :

والذي يقع يقع في المدينة المنورة و يعرض تراث المدينة وتاريخها ويضم مجموعات أثرية مختلفة ومعارض بصرية وصور نادرة تتعلق بالمدينة المنورة عبر العصورمن ضمن الأثار الموجودة في متحف المدينة قوس سعد بن ابي الوقاص محفور علية مقولة النبي صلى الله عليه وسلم لسعد “ارمي سعد فداك ابي وامي” وأجزاء متفرقة من كسوة الكعبة عبر فترات مختلفة من التاريخ الإسلامي، وبعض العملات التي استخدمت منذ العهد النبوي، والمحامل التي كان يؤتى بكسوة الكعبة عليها.


الــوصول الى المدينة المنورة :

بالسيارة يستغرق تقريبا 4 ساعات بينما القطار 3 ساعات ويكن ايضاً الذهاب إليها بواسطة القطار

(مشروع قطار الحرمين / اكبر واسرع قطارفي الشرق الاوسط )

  • مسار القطار : 450 كم خمس محطات “مكة المكرمة – جدة – مطار الملك عبد العزيز – مدينة الملك عبد الله الاقتصادية – المدينة المنورة “
  • الطاقة الاستيعابية : 60 مليون راكب سنويا.
  • توفر خدمة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

وايضا يوجد نفق المشاه “معبر المشاه” وهي عبارة عن 4 انفاق مشاة تحت الأرض مكيفة لتسهيل حركة المشاه من والى الحرم النبوي .


فـــضائل الــمسجد الــنبوي

وردت الكثير من الأحاديث النبوية عند المسلمين تبيّن فضل المسجد النبوي، ومكانته عندهم، ومن ذلك:

  • إنه هو المسجد المذكور في الآية: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة:108] وذلك بحسب كثير من المفسرين، ويستدلون بما رواه أبي سعيد الخدري قال: «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا (يقصد مسجد المدينة)».
  • أنه أحد المساجد الثلاثة التي لا يجوز شدّ الرحال إلى مسجد إلا إليها، فعن أبي سعيد الخدري، عن النبي محمد قال: «لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ: مسجدِ الحرامِ، ومسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا».
  • الصلاة فيه تعدل 1000 صلاة في غيره، فعن أبي هريرة عن النبي محمد قال: «صلاةٌ في مسجدي هذا، خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في غيرِه من المساجدِ، إلا المسجدَ الحرامَ».
  • فيه جزء يُسمى بـ «الروضة المباركة»، يقول فيها النبي محمد: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي».
  • أنه خير مكان يقصده الناس، قال النبي محمد: «خيرُ ما رُكبَت إليهِ اَلرَّوَاحِل مسجدي هذا والبيت العتيق».
  • أن من جاءه بهدف التعلم فهو كالمجاهد في سبيل الله، قال النبي محمد: «من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلّمه أو يعلّمه فهو بمنزلة المجاهدين في سبيل الله، ومن جاء بغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره».