تاج محل

مخطط الضريح

تاج محل وبالهندي  : ताज महल وهو ضريح رائع الصنع، أنيق العمارة من الـرخام الأبيض يـــــوجد بـــأكرة بأوتار برادش بالهند. شيده الملك شاه جهان الإمبراطور المغولي (1630 – 1648 ) لــيضم رفـــــات زوجـــه أرجمند بانوبيگم ” الزوجة الثالثة وتعرف بممتاز محل ويعد هذا البناء رمز يدل به عــــلى عشقه لـــــها و تخليدا لذكراها. وكلمة تاج محل محرفة عن الاسم الذي كانت تحمله الأميرة، وهو ممتاز محل. وضع تصميمه المهندس المعروف بالأستاذ عيسى شیرازی وامان الله خان شیرازی. شيد بالمرمر الأبيض المجلوب من جدهابور عــــلى مصطبة و يغطى سطحها بالمرمر الأبيض، وأقيمت عند كل زاوية من زوايا المصطبة مأذنة متناسقة الأجــــزاء ارتفاعها 37 م. يحيط بدائر كل منها ثلاث شرفات، وفي وسط المصطبة يرتفع الــضريح فـــــي شكل ربـــاعي، وتشغل الجزء الأوسط من البناية القبة الرئيسية، وقطرها 17 م. وارتفاعها 22.5 م. ولكل مـــن واجهات البناية الأربع مدخل عالٍ مغطى بعقد، وتحت القبة الكبرى التي تعلو وسط البناية ضريح الأميرة، وإلــــى جانبه ضريح زوجها، وكلاهما مزخرف بالنقوش الكتابية. ويعتبر من أجمل نماذج طراز العمارة الإسلامي حيث يعرف عــلى نطاق واسع بأنه “جوهرة الفن الإسلامي في الهند و إحدى الروائع الخالدة في العالم”.

ويعتبر تاج محل من قبل العديد من أرقى الأمثلة على العمارة المغولية، وهو أسلوب يجمع بين الطراز المعماري الفارسي والتركي و العثماني والهندي .

في عام 1983م، أصبح تاج محل مـن مواقع التراث العالمي لليونسكو. فـــي حين أن قبة الــــرخام البيضاء هي الجزء الأكثر شهرة في تاج محل ، وهو في الواقع مجمع متكامل من الهياكل , بدأ بناءه حوالي عـــام 1632 م و تم الانتهاء منه في حوالي عام 1653، وعمل فيه آلاف الحرفيين . وكان بناء تاج محل مــوكل إلــى نخبة من المهندسين المعماريين تحت إشراف إمبراطوري، بما فيهم عبد الكريم معمور خان ، مكرمات خان و أستاذ أحمد لاهوري وهو يعتبر المصمم الرئيسي.

أصول تاج محل ومعماره

في عام 1631م كان شاه جاهان، حاكم إمبراطورية مغول الهند في أوج عزها، كئيباً عندمـا مـــــاتت زوجتــــه الثالثة، ممتاز محل, وذلك أثناء ولادة طفِلهما الرابع عشر , جوهرا بيقام. بدأ بناء تاج محل فــي عــــام 1632م. ويمكن أن نجد أن سجلات المحكمة لعزاء شاة جيهان توضح قصة الحب التقليدية والتي أصبحت مصدر إلـــــهام لتاج محل. تـــــم الانتهاء مـــــن الضريح الرئيسي في عام 1648م والمباني والحديقة المحيطة انتهت بعدهــــــا بخمسة سنوات.

وقد وصف الإمبراطور شاه جيهان وصف تاج محل ب هذه الكلمات:

هل يجب على المذنب أن يلجأ إلى هنا,
مثل المعفو عنه, أصبح خالي من الخطيئة.
هل يجب على الآثم أن يشق طريقة لهذا القصر,
جميع خطاياه السابقة تم التخلص منها بعيداً.
مرأى هذا القصر خُلِق تناهيد الأسى;
والشمس والقمر تذرف الدموع من عيونهم.
في هذا العالم تم بناء هذا الصرح;
لإظهار مجد الخالق فيه.

يتضمن مبنى تاج محل خليط جمع بين التصميم التقليدي وأيضا الهندسة المعمارية و الفارسية والمغولية في وقت بداية العمارة. هذا الإلهام الخاص جاء من نجاح الفنون التيمورية و المباني المغولية، بـمـا فـــي ذلك ضريح أمير غور (ضريح تيمور، سلف من سلالة المغول، في سمرقند),ضريح همايون ،وضريح إيتموند أود (والذي يــسمى أحيانا. بالتاج الصغير)، ومسجد جهان ناما . شيدت المباني في المقام الأول في وقت سابق مـن الحجر الــــرملي الأحمر المغولي، و شجع شاه جاهان عـــلى إستخدام الرخام الأبيض مــــن الأحجار شبه الكريمة، وقـــد وصلت المباني التي كانت تحت رعايته إلى مستوى جديد من الأداء والدقة انعكاساً لتاج محل .

العمارة

الضريح هو محور المجمعة بأكملها في تاج محل , هذا البناء من الرخام الأبيض الكبير الذي يقف عـــلى قــاعدة مربعة ، يتألف من مبنى متناظر مع إيوان (وهو عبارة عن مدخل مقوس الشكل تعلوه قبـــة كبيرة وهـــي النتيجة النهائية , مثل معظم الأضرحة المغولية ، فإن العناصر الأساسية هي في الأصل فارسية. قــــاعدة الـــمبنى كبيرة بالضرورة ، مع أحجار مكعبة الشكل ومشطوبة الحواف ، متخذةً شكلاً ثمانياً فريداً مـــــن نوعه مــــع أبعاد تقدر بخمسة وخمسين متراً (180 قدم) على كل طرف من الأطراف الطويلة , و على كـــل طرف هناك مدخل ضخم محدب الشكل ، مؤطر بباحة المكان بإطارين متشابهين ، مع شرفات مقوسة محشورة على جانبيه , هـــذه الفكرة للأبواب الضخمة المحدبة مُعَمَّمة على مساحة الحواف المشطوبة ، والتي تجعل من التصميم متقابل ومتماثل لـكل واجهات المبنى , أربع مآذن تحيط بالقبر ، واحدة في كل ركن من الأركان مواجهة للحواف المشطوبة , أمـــاكن الناووس لقبري ممتاز محل وشاه جيهان غير حقيقية ؛ لأن القبور الحقيقية تقع فــي الطابق السفلي.

تعتبر القبة الرخامية التي تعتلي الضريح من أروع التصاميم على الإطلاق , يقدر ارتفاعها بخمسة وثلاثين مـتراً (١١٥ قدم) على امتداد القاعدة نفسها ، جاثمة على عدة أسطوانات تقدر بسبعة أمتار (23 قدم) ارتفاعـــاً , بسبب شكل القبة ، فقد أطلق عليها اسم القبة البصلية أو القبة الجوافية , بينما أعلى القبة مزُيّن على شكل زهــرة اللوتس والذي يعطي انطباعاً بالارتفاع العالي , أحيطت القبة بــــأربع قباب صغيرة ذات نتوءات جانبية ، وهـــذه القباب مشابهة للقبة الرئيسية في الشكل والتصميم البصلي ، وموضوعة في زوايا المبنى قواعد أعمدة , القبـــاب الأربع مرتفعة عن السقف لتزويد المكان بالضوء , توجد أبراج طويلة (غلداستاس) تمتد مــــن حواف جــــدران القاعدة لإعطاء رؤية أكثر وضوحاً لارتفاع القبة , فكرة شكل زهرة اللوتس تكررت في تصاميم الأبراج والنتوءات فــي القباب الأربع , علت القبة الرئيسية والقباب الأربع في قممها ، لتعطي طابعاً مشتركاً في التصميم من التقاليد الفارسية والهندوسية.

كانت الزخارف المعمارية في الأصل مصنوعة من الذهب، ولكن تم استبدالها بنسخــــة مـــن البرونز الــــمطلي بالذهب في مطلع القرن التاسع عشر. هذه الإضافة تعتبر مثال واضح على الدمج بين عناصر الزخرفة والتزيين التقليدية الفارسية والهندوسية .

يعتلي هذه الزخارف هلال أطرافه تواجه السماء وهو شعار إسلامي بحت . وبسبب موقع الهلال أعــلى المستدقة الرئيسية فإن أطراف الهلال مع رأس الزخرفة المعمارية المستدق يشكلان معاً رمح بثلاثة رؤوس ليبدو كـإشارة لرمز الآلهة الهندوسية التقليدية شيفا.

تُظهر المنارات (المآذن) والتي يزيد ارتفاعها عن 40 متر (130 قدم ) ميل المصمم للتماثل . وقد صُممت هــذه المآذن – وهي عنصر أساسي في المساجد – لتكون مآذن فعلية يستخدمها المؤذن لينادي منها المسلمون للصلاة .

وتنقسم كل مئذنة فعلياً إلى ثلاثة أجزاء متساوية بشرفتين تطوقان البرج . وفــــي أعـــلى البرج شُرفة يعلوها قبة مجنحة تعكس تصميم الأخريات الموجودة على الضريح .

جميع القباب المجنحة تشترك في عناصر التزيين فــــــهي على شكل زهرة لوتس يعلوها زخرفة معمارية مطلية بالذهب. بُنيت المنارات خارج حدود الضريح بقليل بحيث لو حدث وسقطت المنارات ( وهــــــذا إجراء متعارف عليه للبنايات المرتفعة حينها ) فإن حطامها سيقع بعيداً عـــن الضريح .

شكل يوضح الديكور الداخلي

شكل التابوت من داخل تاج محل

  • استخدمت التصاميم التجريدية في كل مكان خصوصاً في قواعد التماثيل، والمآذن، والبوابات، والمساجد، كما تستخدم بشكل أقل في تزيين الأضرحة. و زخرفة القبب والسراديب المبنية مـــن الأحجار الـــــطينية بالنقش لخلق أشكال هندسية. رصعت الأشكال الهندسية المتعرجة بالأحجار للربط بين الأشكال الـزخرفية المنقوشة، حيث اَستخدمت الأحجار البيضاء في المباني الحجرية، بينما الأحجار السوداء أو الغامقة فــــي تزيين الرخام.
  • طَليت الـــمناطق البارزة من المباني الرخامية بالألوان الموحدة أو على شكل بقع مختلفة الألوان؛ لتصميم أشكال هندسية مائلة للتعقيد. و اَستخدمت أحجار الطوب المتناقضة الأشكال والألوان – والتي تكون عــلى شكل أحجار الفسيفساء – لتصميم أرضية المباني وممراتها.
  • أما في النصف السفلي من الأضرحة، وَضع عدد من البلاط الأبيض المنحوت على شكل أزهار وأشجـار والتي عادة ً ما تكون قليلة البروز. و لَمع البلاط لإبراز التصاميم الدقيقة والألوان الــــجذابة للــــمنحنيات والإطارات السفلية على الأضرحة والممرات الشاهقة المقوسة المرصعة بأحجـــــار الفسيفساء الـــــثمينة الأنيقة، والتي غالباً ما تكون على أشكال أزهار أو أشجار ذات تصاميم هندسية. اذ تَلمع أحجـــــار اليشب واليشم والرخام الأصفر ثم تمد على الجدران.
شكل التابوت من الداخل

تختلف تصاميم التجويفات الداخلية لـتاج مـــــحل كل الاختلاف عـــن عناصر التصاميم التقليدية، حـــيث تستخدم الأحجــــار الكريمة والأحجار الشبه كريمة فـــــي مرحلة ترصيع الأحجار بدلاً مــــن أحجار الفسيفساء. صَممت الحجرات الداخلية على شكل ثماني الأضلاع مــــع تجويفات صغيرة فــي كل ناحية للسماح للجمهور بالمشاهدة، ويمكن مشاهدة هذه الحجرات من خلال الباب الجنوبي المواجه للحديقة فقط.

بلغ طول الجدران الداخلية حوالي 25 متراً(82 قدماً)، وفي قمتها القبة الداخلية التي زينت بأشكال الــــشمس، و أقواس فيشتاق الثمانية توضح مساحة الطبقة الأرضية، وكما هو بخارج المبنى فإن كل قوس فيشتاقي يعلوه قوس آخر حتى منتصف الجدار، والنوافذ الأربعة الرئيسية في الشرفات أو المناطق العليا و كـــل الــنوافذ الــــخارجية بالشرفات مزينة بقطع من الرخام المنقوش، وبالإضافة إلى الضوء الداخل من الشرفات هناك الضوء الداخل مـن المغظاة بالقبب في الزوايا ، وكل جدران الغرف الداخلية زُينَّت بدقة عالية بنحت يسمى بدادو وهــــــو نحت قليل البروز . وتعكس بصورة دقيقة لوحات الخط العربي المرصع بالأحجار الكريمة و المنتشرة عناصر التصميم في جميع أرجاء المبنى.

قطع الرخام الثمانية التي تحدد التابوت مصنوعة من ثمان لوحات رخام نُحتت بجهد و دقة عـــالية وبقية الأسطح طُعمت بصورة دقيقة جدا بالأحجار شبه الكريمة تشكل بها تؤمة الكروم و الأزهار والفواكه.

ولأن التعاليم الإسلامية تحرم تزيين القبور تم وضع جثث “ممتاز” و “شاه جيهان” فـــي سرداب منبسط نسبيــــا تحت الغرفة الداخلية و وجهت وجوههم نحو مكة، وضع تابوت “ممتاز محل” فــــي منتصف الـغرفة الــــداخلية بالضبط في قطعة رخام مستطيلة الشكل بمقاييس 1.5 متر( 4 قــــدم و 11 بــــوصة) و 2.5 متر(8 قــــدم و2 بوصة)، القاعدة والتابوت مرصعين بأحجار كريمة وشبه كريمة، وتتميز النقوش الكتابية عـــــلى الـتابوت بالثناء على “ممتاز”، ويغطي التابوت المستطيل الشكل ارتفاع على شكل معين يشير إلــــى لــوحة كتابية ، ويقع نصب “شاه جيهان” التذكاري بجانب زوجته “ممتاز” مــن الجهة الغربية، وهـــــو العنصر المرئي الوحيد فــــي كــــل المجموعة، ويعتبر ضريحه أكبر من ضريح زوجته، لكنه يعكس نفس العناصر:

النعش أكبر والقاعدة أطول بقليل، وهو كذلك مرصع بأحجار كريمة مضبوطة الدقة ويميزه خـــــــط يدوي رائع الشكل، ويوجد على غطاء الضريح مجسم صغير مغطى بنحوت تقليدية.

كان التصميم التقليدي المغولي للجنائز يغطي توابيت الرجال والنساء عـــــلى التوالي، وتوجد كذلك أسمـــــاء الله الحسنى التسعة والتسعين بشكل رائع عـــــلى جوانب ضريح “ممتاز مــــحل” وأسفله، “الكريم، العظيم، الجليل، الواحد، المجيد…”، ويوجد أيضا نقش رائع بخط اليد على قبر “شاه جيهان” يقول: “غادر من هذه الدنيا إلى دار الخلود في ليلة السادس والعشرين من شهر رجب”.

الحديقة

تصل مساحة الحديقة إلى حوالي 300 متر مربع (980 قدم مربع)، وتسمى الحديقة بحديقة شارباغ أو حــــديقة المغول. وتقوم الحديقة على الممرات التي تقسم الأجزاء الأربعة من أجزاء الحديقة إلى 16 روضـة منخفضة أو أحواض زراعية. ووُضع خزان ماء رخامي في منتصف الحديقة في نصف الطريق ما بين البركة والقبر. وفــي منتصف الحديقة بين المحور الشمالي والجنوبي، توجد هُناك بركة عاكسة لصورة الضريح. وقــــــد سُمي خزان الماء الرخامي بوعد الكوثر نسبة إلى وعد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لـــ “الحوض الكبير” الــــذي ينتظر المسلمين في الجنة. وفي جهة أخرى من الحديقة ، توجد أشجار ونوافير. وحديقة شارباغ المستوحى تصميمهــــا من تصاميم الحدائق الفارسية، والتي أدخلها إلى الهند الإمبراطور الــــمغولي الأول بابور (Babur). وتمثـــــل الأنهار الأربعة المتدفقة باسم الجنة (Jannah)، وتعكس حديقة الـــــجنة الكلمة المشتقة مــــن اللغة الـــــفارسية “paridaeze” والتي تعنى بالحديقة المحوطة. وفي النصوص الإسلامية الصوفية الــــتي وُجدت فــــي فــترة المغول، وُصفت الجنة بالحديقة المثالية مـن حيث وفرة أنهارها الأربعة التي تتدفق من ينبوع أو جبل مرتفع يُقسم الحديقة إلى الجهات الأربع الشمال، والغرب، والجنوب، والشرق.

معظم الحدائق الفارسية (جهارباغ) المغولية مستطيلة الشكل يتوسطها ضريح أو هيكل pavilion. إلا أن حديقة تاج محل خالفت ذلك التصميم السائد إذ بني الضريح في أخرها. و لــــــكن عندما اكتشفت حديقة ( ماهتاب باغ ) Mahtab Bagh أو “حديقة ضوء القمر” على الضفة الأخرى من نهر يامونا فسر قـــــسم الـــــمسح الأثري الهندي Archaeological Survey of India في وزارة الثقافة ذلك بـــــأن نهر يامونا نفسه أدرج فــــي تصميم الحديقة ليبدو كنهر من أنهار الجنة. و يشير التشابه بين تصميم الحديقة و سماتها المعمارية مــــع حــدائق شاليمار إلــــــى أنهما ربمــــا صممتا مـــــن قــــــبل نفس الــــمهندس المعماري عـــلي ماردان و Shalimar Gardensthe و تصف الحسابات المبكرة للحديقة وفرة غطائها النباتي بما في ذلك الورود الــكثيرة و أزهار النرجس البري daffodils و الأشجار المثمرة و عندما تهاوت الإمبراطورية المغولية ، فــقد انحدرت الرعاية بالحديقة أيضا. و عندما استولى البريطانيون على إدارة تاج محل خلال حكم الإمبراطورية البريطانية British Empire غيروا تصميم مناظر الحديقة لتبدو مشابهة لتصميم المسطحات الخضراء في لندن.

تأسس تاج محل على قطعة أرض متجهة نحو الجنوب من سور مدينة أغرا (Agra)، إذ وهب شـــــاه جــــاهان (Shah Jahan) أرض واسعة في وسط أغرا إلـى مهاراجا جاي سينغ (Maharajah Jai Singh) فــــي مقاضية لاستبدال الأرض. تساوي مساحتها تقريباً مساحة ثلاث أراضي مجوفة ومــملوءة بـــــالرمل لتحد مــــن التسرب وممتدة لـ خمسين متراً ( 160 قدماً ) فوق ضفة النهر . فــــي القبر كــــــانت الآبار مجوفـــــة ومملوءة بالصخور والحصى لتهيئ البنية التحتية للقبر وبدلاً من الربط والتشييد بالخيزران شيد العمال منصــــة خشبيــــة مرفوعة ضخمة وهي التي أبرزت القبر وقد كانت هذه المنصة ضخمة جداً فقد قدرها المراقبين بــــأنها استهلكت العديد من السنوات لإنهائها .

كان نظام بكرة العمود والعارضة المنفصلين يستخدم لرفع القطع الصلبة إلى المكان المرغوب وضعها فيه وكان الماء يستخرج من النهر بواسطة سلسلة من الحيوانات المسيرة آلياً بتقنية الحبل والدلو والــــتي تحمله إلـى خزان كبير ثم يجمع في خزان توزيع ضخم ، وكـــان يمر عبر ثلاث خزانات ثانوية مـن الأنابيب إلى المجمع في نهاية مبنى المجمع , هنالك مبنيين ضخمين من الحجر الرملي والمفتوحين عـــلى جوانب الــقبر من الجهة الخلفية لهما موازية للجدران الغربية والشرقية ، والمبنيان صورة مطابقة لبعضهما.

المبنى الغربي مسجد، والآخر يسمى “جواب” الهدف منه التوازن المعماري – على الرغم من إمكانية استخدامـه كبيت للضيوف. الفروقات بينهما أن المحراب يوجد في المسجد بعكس “جواب”، وأيـــضا بلاط “جواب” يحتوي على تصاميم هندسية بينما أرضية المسجد مفروشة بـ٥٦٩ سجادة للصلاة عــلى رخــــام أسود. تصميم الـــمسجد البسيط برواق طويل محاط بثلاثة قبب مشابه للأخر المبني عن طريق شاه جاهان، بـــالتحديد مسجد جاهان نوما أو المسجد الجامع في دلهي. مساجد المغول في هذه الفترة تقسم ردهات المعبد لثلاث مناطق، الـــمعبد الـــرئيسي ومعبدين آخرين أصغر نسبيا على الجانبين. في تاج محل، كل معبد يفتح لقبة مسقفة ضخمة. المباني المجاورة تم إنشاءها في ١٦٤٣.

تخطيط المباني

إن مجمع تاج محل محاط بشرفات على جدران من أحجار رملية حمراء من ثلاثة جوانب , ويواجهها النهر مــن الجانب الأيسر المفتوح .وتوجد خارج الأسوار عــدة أضرحة إضافية, بمــــا فيهــــا أضرحة زوجات شاه جيهان الأخريات, وضريح كبير لخادم ممتاز المفضل. هـــــذه الهياكل تتألف مــــن أحجار رملية حمراء بشكل أساسي, وهي نماذج مصغرة من المقابر المغولية في تلك الحقبة.

الجوانب الداخلية من الجدران تواجه الحديقة وبمقدمتها ممرات تزينها الأعمدة, وهـــــــي خاصية مطابقة للمعابد الهندية والتي دخلت فيما بعد إلى المساجد المغولية. يدخل في الجدار قبة للمعبد , وأمــــاكن صغيرة ربمـــا كانت للمشاهدة أو أبراج مراقبة مثل بيت الموسيقى , والذي يستخدم الآن كمتحف.

المخرج الرئيسي (الدروازة) وهو نصب هائل معظمه مبني من الرخام مستوحى من ذكرى العمارة المغولية مـع أوائل الأباطرة. قناطرها تعكس شكل قناطر الأضرحة, وللبيشتاك (البوابة أو المدخل) أقواس يدخل في تصميمها خط اليد الذي يزين القبر. كما تُستخدم آلية النحت المحفور والأحجار الملونة للزينة مع زخارف نباتية .

السقوف المقببة والجدران ذات تصاميم هندسية متقنة, مثل تلك الموجودة في المباني الأُخَرْ المبنية مــــن أحجار رملية في المجمع .

القاعدة الحجرية والقبر استغرقت مايقارب اثنتا عشر عاماً لإنجازها ، واستغرقت الأجزاء المتبقية مــــن المجمع عشر سنوات إضافية من أجل بناء المآذن والمسجد والبوابة . ولأن المجمع كــان مبنياً على مراحل ؛ فقد اختلفت الآراء وكثرت التناقضات حول تاريخ إتمامه .

على سبيل المثال ، كان الضريح كاملاً بالأساس في عام ١٦٤٣م ، ولكن العمل كــــــان مستمرًا على بقية أجزاء المجمع . تقديرات تكاليف البناء مختلفة ، بسبب صعوبة تقدير التكاليف عبر الزمن ، وقـــــدرت التكلفة الإجمالية بحوالي ٣٢ مليون روبية في ذلك الوقت . شُيّد تاج محل باستخدام مواد من جميع أنحاء الهند وآسيا، وتم استخدام أكثر من ١٠٠٠ فيل لنقل مواد البناء.

جُلب الرخام الأبيض الشفاف من ماكرانا، راجستان ، اليشب من البنجاب واليشم والكريستال من الصين ، كـــان الفيروز من التيبت واللازورد من أفغانستان ، في حين أن الياقوت جاء مـــــن سيرلانكا والعقيق مــــن الــجزيرة العربية . بوجه كلي ، كان الـــرخام الأبيض مطعّماً بثمانية وعشرين نوعاً من الأحجار الكريمة وشبه الــكريمة . كان بناء تاج محل موكلا إلى مجموعة من المهندسين المعماريين تحت إشراف الإمبراطورية ، بمن فــــــي ذلك عبد الكريم معمور خان، مكرمات خان، وأستاذ أحمد لاهوري الذي يعتبر المصمم الرئيسي

تم تجنيد قوى عاملة بلغت عشرين ألف عامل من جميع أنحاء الهند؛ ونحاتين من بخارى، وخطاطين مــن سوريا وبلاد فارس ، فنيو الزخرفة والتطعيم من جنوب الهند، والحجارين كانوا من بلوشستان، إضافة إلى مختصين في بناء الأبراج وأشخاص مهمتهم الوحيدة قطع الرخام على شكل أزهار وكانوا جزء مــن مجموع عمال بلغ عددهم سبعة وثلاثون عاملا شكلوا مجتمعين الوحدة الإبداعية للبناء. بعض مــــن البناة المشاركين فـــــي بناء تاج محل:

إسماعيل أفندي (المعروف أيضا باسم إسماعيل خان) : مــن الإمبراطورية العثمانيـــــة – مهندس معماري تركي ومصمم القبة الرئيسية .

الأستاذ عيسى (عيسى محمد أفندي) : من بلاد فارس – مهندس معماري تركي ، تدرب عـــلى يد الخواجة معمار سنان آغا معماري الدولة العثمانية ، و يرجع له الكثير من الفضل و الثناء فقد لـــعب دورا رئيسا فـــــي التصميم المعماري .

بيورو من بناروس: بلاد فارس المهندس المعماري المشرف.

كاظم خان : وهو مواطن من لاهور – مهمته قولبة الذهب لوضعه على قمة البناء.

شارنجلا: جواهري من دلهي – النحات الرئيسي و المسؤول عن الفسيفساء.

أمانة خان من شيراز: إيران – الخطاط الرئيسي

محمد حنيف: المشرف على البنائين.

التاريخ

بعد اكتمال بناء تاج محل بفترة وجيزة, خُلع الشاه جاهان مـــــن قِبل ابنه أورانكزيب (Aurangzeb) و وُضع تحت الإقامة الجبرية بالقرب من حِصن أغرا. عند وفاة الشاه جاهان، دفنه ابنه أورانكزيب فـــــي ضريح بجانب زوجته . في أواخر القرن التاسع عشر, أجزاء من المبنى سقطت لأنه بحاجة إلى الترميم . أثناء الــــثورة الهندية عام 1857 , شُوّه تاج محل من قبل الجنود و أعيان الحكومة البريطانية ، الذين نقشوا عـــــــــــلى أحجار نفيسة و لآزورد أُخذت من حيطان المبنى . بنهاية القرن التاسع عشر، أمر اللورد كارزون (Curzon) نائب الــــملك بإعادة بناء و ترميم تاج محل , الذي اكتمل عام 1908 . كمـا أنــــه أشرف عـــــلى ترميم المصباح الــــــكبير بالـــحجرة الداخلية, الذي صُمم ليشبه إحدى مصابيح جامع القاهرة . فـــــي ذلك الوقت , أُعيد تصميم الـــــحديقة الخارجية بمرجات ذات طابع بريطاني ما زالت نفسها إلى يومنا هذا.

المخاطر والتهديدات

  • في العام الثاني والأربعين بعد التسعمائة والألف مـــن الميلاد، أقامت الــــــحكومة استراتيجيات تدريبيـــة وجسور، لتوقعها هجمة جوية من قِبل سلاح الجو الألماني “الرايخ الثالث ” و لاحقاً من القوات الجوية اليابانية.
  • أثناء الحروب الهندية_الباكستانية بين عامي خمسة وستين و واحد وسبعين بعد التسعمائة والألف للميلاد، أُقيمت هذه الجسور مرة أخرى لتضلل الطيارين الانتحاريين .التهديدات في الوقت الـــــحاضر تأتي مـــن التلوث البيئي، على ضفاف نهر يامونا (Yamuna River) بمـا في ذلك الأمطــــار الـــحمضية بسبب مصفاة الزيت ماثورا(Mathura Oil Refinery,) الذي عارضته المحكمة العليا فــي الهند. و تحول التلوث حول تاج محل إلي الصفار؛ للمساعدة في السيطرة على التلوث. وضعت الحكومة الهندية منطقـــة تاج (Taj Trapezium Zone (TTZ)) في عشرة آلاف و أربعمائة كيلو متر مــربع (أربعــــة آلاف ميل مربع) وهي المنطقة المحيطة بالنصب، حيث معايير صارمة للانبعاث والتلوث. مــــؤخراً، هنـــــاك مخاوف بشأن سلامة المقابر الهيكلية التي ارتفعت مـــــؤخراً بسبب انخفاض مستوى ميــــاه نهر يـــامونا (Yamuna River) الذي يتناقص بمعدل خمسة أقدام في السنة.
  • فـــي عام ألفين و عشرة للميلاد، ظهرت تشققات في أجزاء من القبر، والمآذن التي تحيط بالنصب تظهر عليها علامات ميلان. الأسس الخشبية للقبور قد تعفنت بسبب نقص المياه. بعض الناس يتوقعون أن القبر قد ينهار في غضون خمس سنوات.

سياحة

تاج محل يستقطب عدداً كبيراً من السُياح، فقد وثقت اليونسكو أكثر من مليوني زائر في عام 2001، بمــا فــــي ذلك 200,000 من خارج الهند. و يوجد نظامين للأسعار، فالرسوم أقل للدخول للمواطنين وأكثر تكلُفة بالنسبة للأجانب. معظم السُياح يأتون في الشهور الباردة كأكتوبر، ونوفمبر، وفبراير. يوجد قانون ينُص على أنــــه غير مسموح لحركة المرور الاقتراب من القصر، وذلك لأسباب التلوث القادمة منها، فيُمنع الاقتراب مــــن الـــمجمع وعلى السُياح السير على الأقدام أو ركوب الحافلة الكهربائية. حاليا كاوسبرس (والتي تعني الساحات الشمالية) يتم استعادة استخدامها، بوصفها مركز الزوّار الجديد.

أمّا البلدة الصغيرة الواقعة في جنوب تاج محل معروفـة بـمُمتاز أباد أو تاج غانجي، تـــــم إنشاؤها فــــي الأصل للأسواق و الخانات والبازارات وذلك لخدمة احتياجات الزوّار والعُمّال .و قوائم جهات السفر الموصى بهـا غالباً تُميّز تاج محل، والتي تظهر أيضاً في قوائم عديدة لعجائب الدنيا السبع الحديثة، بِما في ذلك عجائب الدُنيا الــسبع الجديدة للعالم، التي أُعلن عنها مؤخراً، و هو استطلاع تم إجراؤه مؤخراً مــع كسب تاج مـــــحل لـ 100 مليون صوت.

الأراضي مفتوحة من الساعة السادسة صباحاً إلى الساعة السابعة مساءًا خلال أيام الأسبوع، باستثناء يوم الجمعة عندما يكون المجمع مفتوحاً للصلاة في المسجد، مابين الساعة الثانية عشرة إلى الثانية مســــاءً. يكون الــــمجمع مفتوحاً للمنظر الليلي في يوم اكتمال القمر ويومين قبله وبعده، باستثناء الجُمُعات و شهر رمضان لأسباب أمنيــة ، هٌناك خمسة أشياء فقط يُسمح بها داخل تاج محل : ماء فـــي زجاجات شفافــــــة، كاميرات فـــــيديو صغيــــرة والكاميرات، الهواتف المحمولة، والمحافظ النسائية الصغيرة .

أساطير

منذ إنشائه يحتل البناء مصدر الإعجاب مُتجاوِزاً بذلك الثقافة والجغرافيا والاستجابات الــــعاطفية والــــشخصية، حيث يغطي التقييمات الدراسية باستمرار. هناك أسطورة تقول أن شاه جهان (Shah Jahan) صمّم ضريحـــاً من الرّخام الأسود تم بناؤه عبر نهر يامونا (Yamuna River). كان منشأ الفكرة مـــن كتابات خيالية لــــجان باتست تافرنييه (Jean-Baptiste Tavernier) و هـــــــو رحالة أوروبي قام بزيارة أغرا (Agra) عــــام ١٦٦٥، و كان هناك تلميحات إلى أن شاه جهان تعرّض للانقلاب مـــــن قبل ابنه أُورنجزيب (Aurangzeb) قبل أن يتم بناء ذالك الضّريح. حطام الرّخام الأسود الموجود في النّهر في حديقة ضــــوء القمر (Moonlight Garden) أو باغ مهتاب (Mahtab Bagh) يبدو كمــــا لو يدعم هذه الأسطورة. لكن عمليّات التنقيب التي تمت عام ١٩٩٠ وجدت أن هذا الرخام هو حجارة بيضاء تغيّر لونها إلى الأسود. و النظرية الأكثر مصداقيــــــة حول أصول الضريح الأسود تم إثباتها عندما قام علماء آثار عام ٢٠٠٦ بإعادة بناء البركة التي تعود إلــى حديقة ضوء القمر أنها انعكاسٌ مظلم للضريح الأبيض يمكن رؤيته بوضوح، يــــليق بهاجس شاه جهان بالتماثيل مـــــع البركة نفسها و وضعها. لا توجد أدلة قطعية تشرح التفاصيل المروعة والــــــــموت وتقطيع الأعضاء والتشويه، والذي أدى بطبيعته إلى اعتماد شاه جاهان على العديد من المعماريين والحرفيين في بناء القبر. فقد كــانت بعض القصص تقول بأن أغلب الذين شاركوا في البناء وقعوا عقودا ً تفرض عليهم بأن لا يشاركـوا في بناء أي تصميم مماثل. وكانت هناك مطالبات مماثلة لعدة مبانِ مشهورة أخرى. و لا يوجد دليل واضح يبين أن اللورد ويـــــــليام بينتينك (Lord William Bentinck) الحاكم العام في الهند في العقد 1930 قــد خطط لـــــهدم تاج محل و وضع الرخام للبيع في المزاد ، فكاتب السيرة الذاتية لبينتينك قال أن الـقصة قد انتشرت بعد أن جمع تبرعات ببيع رخام قلعة أغرا.

وكانت هناك أسطورة أخرى مفادها بأن ضرب الرسوم سيؤدي إلى خروج الماء. في ذلك الـيوم رأى المسؤولون أساور البانغل مكسورة حول ظل الرسمة!. في عام 2000 ألغت المحكمة الــــــــعليا في الهند براءة الاختراع لـ بوروشوتام ناجيش أواك ( Purushottam Nagesh Oak أو P. N. Oak ) والتي تقول بـــــــــأن ملكًا هندوسيًا قد بنى تاج محل. فقد كان أواك يعتقد أن أصول تاج محل إضافة إلى العمارة التاريخية في الدولة، والتي ترجع إلى السلاطين المسلمين في الهند، لكنها في الحقيقة موجودة مـــن قبل دخول الإسلام إلى الهند، ولذلك فهي جميعها ذات أصل هندوسي.