الفن التجريدي

لــــوحة تجريديــة

تعريف التجريدية:

لـــــــــغة : التجريد هو كلمة مشتقة من فعل جرد ، يجرد ، تجريدا 

  معناه انتزع واخذ منه الشئ بالقوة ، أطلقت هذه الصفة على إحدى الاتجاهات الفنية الحديثة.

اصطلاحا : هي الاتجاه الذي يبتعد بالرسم عن تصوير أي شكل معروف ويهدف الى تأليف فني أو شكلي لايعالج موضوعا ما .

الفن التجريدي:

فن يعتمد في الأداء على أشكال مجردة تنأى عن مشابهة المشخصات و المرئيــــات في صورتهـــــا الطبيعيـــــة و الواقعية. ويتميز بقدرة الفنان على رسم الشكل الذي يتخيله سواء من الواقع أو الخيال في شكل جديد تماما قـــد يتشابه أو لا يتشابه مع الشكل الأصلي للرسم النهائي مع البعد عن الأشكال الهندسية. ومن رواد هـــــــذا الــــــفن التجريدي الفنان العالمي / بيكاسو ، إلا أن بيكاسو اهتم بالتجريد وبالألوان والخطوط التي تميز لوحاته ولكنه لــم يهتم بالجانب الجمالي في لوحاته . أما الفنان التشكيلي العالمي / رأفت عدس فهو مؤسس ورائد فن ” الــتجريـــد الزخرفي ” الذي يعتمد على تجريد الأشكال الحقيقية أو الخيالية بإتباع أسلوب يميزه فـي الأشكــــال والألــــــوان والخطوط مع التأكيد على إدخال الجانب الزخرفي والجمالي في لوحاته بحيث تعطي شكـل ومضمون جمــــــالي متكامل ، وتصلح لوحاته للمتاحف والمعارض والمنشآت و القصور الخاصة للديكورات الداخلية وتتيح لـــمصمم الديكور الداخلي أو هاوي الفن أو المقتني اختيار اللوحات التي تتلاءم مع ديكورات المكان الــــداخلي.

جذور الفن التجريدي:

إن أول فنّ تجريدي أنتجه فنانون صُنِّفوا ضِمن حركات مثل الفوقية والتعبيريَّة والتكعيبيَّة والمستقبليَّة. وقد سُمِّيت رسوماتهم بالتجريدية، رغم أنّ موضوع الصورة يمكن ملاحظته في أعمالهم.

كان مصطلح الفن التجريدي أساسًا مُضَلِّلاً لأنه يمكن أن يعني الفن ذا المضمون المتحوِّر، لكنه لايزال ملحوظًـا، أو يعني الفن غير الرمزي تمامًا وغير الهادف. ومهما يكن من أمر، فقد استُعْمِل المصطلح في نهاية الـــــــحرب العالمية الثانية عام 1945م بصورة أولية مرادفًا لمعنى الفن الخالي تمامًا من المادة أو الموضوع.

ويمكن العثور على جذور الفن التجريدي للقرن العشرين، في زخرفة المنسوجات والأواني التي ترجع إلـى فنون الثقافات القديمة. إذ أن العلامات والخطوط والأشكال الهندسية البسيطة المنقوشة، على سطوح الأواني الفخاريــة والمنسوجات, وضمن رسوم الكهوف، لها أغراضها التزينية  والرمزية ,وهى بالتأكيد تمثل مظهراً مـــن مظاهر الفن التجريدي.

بدأ تاريخ الفن التجريدي الحديث مع الحركات الطليعية للقرن التاسع عشر، مثل التأثيرية وما بعدهــــا، حـــــيث اختزلت هذه الأنماط أهمية الموضوع  في أعمال الفن. وتركز  الإبداع  على عالم  العمل  الفني ذاته.

أهم الفنانين التجريديين:

خوان ميرو  – كاندنسكي     – بيت موندريان     – مارك روثكو     – مارك ستيلا      – رمسيس يونان   _ فؤاد كامل       – مصطفى الأرنؤوطى   – منير كنعان     – محسن عطية –  مصطفى عبد المعطى     _ رأفت عدس

أنواع الفن التجريدي:

إما تقسم:-

تجريدية تعبيرية : يعتبر الروسي كتندنسكي (1944-1866) هو مبتدعه ، ويحاول أن يجعل التصوير ممـاثلا

للموسيقى التي تشبه أصواتها أي أصوات معروفة و قد بدأ هذا الاتجاه في ألمانيا عام 1910م  .

تجريدية هندسية : أبدعها ( مون دريان ) الذي جعل المستطيل و المربع أساس للتصميم سواء في العمارة أو النحت  أو التصوير ، وقد طبعت تصميماته على النسيج منذ بضع سنوات .   

او تقسم:-

تجريد جزئي : حيث تبدو بعض ملامح الشكل المرسوم , بحيث يمكن التعرف عليه من جانب المشاهد

تجريد كـــامل:  يهتم فيه الفنان بالأشكال والأحجام والألوان فقط , ولا تكون هناك أهمية للموضوع المرسوم

أسباب ظهوره

 رفض نقل الواقع و الاتجاه إلى المشاعر والأحاسيس

مميزاتها:

1. مخالفة قواعد الرسم الواقعي.                  

2. الإفراط في تشويه الأشكال الواقعية.             

3. تحويل الصورة إلى فوضى ، إلى مساحات ، خطوط خالية من الواقعية .

4. تحويل العناصر إلى أشكال، تشبه الأشكال الهندسية ( مثلثات، دوائر……) بحيث يوحي الشكل الواحد معاني متعددة.

المدرسة التجريدية:

اهتمت المدرسة التجريدية الفنية بالأصل الطبيعي , ورؤيته من زاوية هندسية , حيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر . وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ماتكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليس لها دلائل بصرية مباشرة , وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان . إنها اتجاه يرفض الصورية وبالتالي الطبيعة وأبعادها المرئية . التجريدية هي انتقال الفن من مجال محاكاة الطبيعة وتصوير العالم المرئي إلى التعامل مع الأفكار والشعور والأحاسيس , أو ما يسميه أبو التجريدية كاندنسكي (Kandinsky) بالضرورة الداخلية , ليجعل اللامرئي مرئياً .إنه الفن الذي ينقل المشاهد إلى المشاركة في العمل الفني بدل أن يكون حكماً عليه , والذي يقطع نهائياً مع الواقع . الأشكال قائمة بذاتها , مبتكرة من ذوات الأفكار والأحاسيس , لا تدل غالباً على موضوع . وعموماً فإن المذهب التجريدي في الرسم , يسعى إلى البحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها في أشكال موجزة في داخلها الخبرات الفنية ,التي أثارت وجدان الفنان التجريدي . وكلمة (( تجريد )) تعني التخلص من كل آثار الواقع والارتباط به , فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من الأشكال التي تحمل هذا الطابع : كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك .

فالشكل الواحد قد يوحي بمعانٍ متعددة , فيبدو للمشاهد أكثر ثراء . ولا تهتم المدرسة التجريدية بالأشكال الساكنـة فقط , ولكن أيضاً بالأشكال المتحركة خاصة ما تحدثه بتأثير الضوء , كما في ظلال أوراق الأشجار التي يبعثـــه ضوء الشمس الموجه عليه , حيث تظهر الظلال كمساحات متكررة تحصر فراغات ضوئيــة فاتحــــة , ولا تبدو الأوراق بشكلها الطبيعي عندما تكون ظلالاً , بل بشكل تجريدي . وقد نجح الفنان كاندنسكي – وهـو أحـــد فناني التجريدية العالميين – في بث الروح في مربعاته ومستطيلاته ودوائره وخـطوطــــه الـــمستقيمة أو الـــمنحنيــة , بإعطائها لوناً معيناً وترتيبها وفق نظام معين . ويبدو هذا واضحاً في لوحته ((تكوين )) التي رسمها عام 1914 . ومن أهم فناني التجريدية المعاصرين , اللبناني شفيق عبود , والذي أبدع في هــذه الـــمدرسة فـــأنتج رسومـــاً ولوحات عالمية شهيرة . ولعل أول عمل تجريدي هو لوحة للفنان واسيلي كاندنسكي Wassily Kandinsky رسمها عام 1910 م رغم أن الاسم ليشتهر في ذلك الوقت .ويزعم التجريديون أن الفكرة الفلسفية لـــهم قـديمة . وقد أوجدها أفلاطون في ثنايا حديثه عن الفن .

كيف تفهم الفن التجريدي:

التجريد ليس هروباً من الواقعية بغرض إخفاء الأخطاء الفنية من قبل المنتسبين للفن كما يعتقد الكثير من المتلقين العوام. نعم هو هروب – إن جاز التعبير- من الواقعية الملموسة (الحسية المادية) للــدخول إلـــى واقعيـــة عقليـــة (مفاهيمية) أكثر وعورة وأكثر تمحيصاً للمفاهيم الفلسفية للوجود, وهذا يجعل الأطروحـات التشكيلية الــــتجريدية أكثر تطلباً من الفنان للتفكير والتأمل وكذلك للتطبيق الفني للعناصر والأسس الفنية.

يبدأ الفنان في هذه المرحلة الأولى  على نقل أقرب مايكون للواقعية لموضوع العمل الفني بغية دراســــة الــــثقل وتوزيعه. حيث أن الموضوع لا زال يحتفظ بالأبعاد الفراغية. وبهذا يبرهن الفنان لنفسه قبــل أن يبرهن لنا أنــــة يمتلك المهارة المطلوبة ليكون واقعياً وهو في الوقت ذاته يعمل الفكر بطريقة بصرية في دراسة الموضوع قبـــل الإنتقال إلى المرحلة الثانية من رحلته التجريدية.

المرحلة الثانية هي محاولة للخروج من الواقعية المحسوسة عـــن طريق تجريد الموضوع مـــــن مفهوم “الـــبعد الفراغي” حيث أصبح الموضوع الفني للعمل مجرد دراسة فنية لــمفهوم الـــشكل بنوعيــــة الـــــموجب والسالب (Positive Shape vs. Negative Shape) لان مفهوم الشكل هو جواز سفر الفنان إلى الـــواقع الآخر (الواقع المفاهيمي)

في الأعمال الفنية الثلاثية الأبعاد مثل الأعمال المنحوتة يكون الجسم هو المفهوم المرادف للشكل فــي الأعمــــال الثنائية الأبعاد (أعني نقل الواقع الثلاثي الأبعاد على أرضية مسطحة ثنائية الأبعاد), نجح الفنان في هذه الــمرحلة في التخلص من مفهوم البعد الفراغي مع الاحتفاظ بمفهوم الثقل وتوزيعه للموضوع وذلك بتوظيف الخط Line والفراغ Space واللون Color كعناصر فنية أساسية ضمن قواعد التوازن والوحدة الفنية. هذه المرحلة هـــي آخر مرحلة تربطنا بالواقعية الملموسة.

 ثم تأتي أول مرحلة في الواقعية التجريدية “المفاهيمية” حيث يبدأ الفنان في ممارسة عملية “الاختزال الشكلي” و “والاختزال اللوني -إن جاز التعبير – بمعنى أن يجرد الخطوط المتبقية إلى أبسط مـــــايكون وكذالك الألــــــوان والفراغ. يحاول الفنان في هذه المرحلة التركيز على مفهوم “التوازن البصري” Visual Balance بتوظيف العناصر الفنية الثلاثة السابقة الذكر مع الاستمرار في عملية الاختزال حتى يصل إلى مرحلة الرضى الشخصي قائلاً في نفسه “ليس بالإمكان أحسن مما كان”وهكذا يصبح العمل تجريديـــاً.